الإحسان إلى أنفسنا وأوطاننا وتاريخنا ومجدنا أن يقوم بعض أهل الخبرة والمعرفة بتقريب ما تباعد بين هذه الأمم بنشر الكتب التي تضع أمام قارئها صورة من هذه الأمم جميعها ليلم قارئو كل أمة بما عليه أحوالها وما هي فيه. وبالأمس القريب ظهر كتاب "حاضر العالم الإسلامي" (?) للأمير شكيب أرسلان، فقام بفرض من أعظم الفروض، واليوم يظهر هذا الكتاب فيتمم كتاب الأمير في ناحية من نواحيه. ونحن نشكر للمؤلف ما تفضل بهِ على قراء الأمم الإسلامية، وما بذل من جهد في الترجمة لملوك هذه الأمم في هذا العصر وما عانى في جمع المعاهدات والوثائق التي تربط بعضها ببعض والتي تربطها بملوك الأعاجم من دول أوربا وغيرها. وقد سلك المؤلف مسلكًا حسنًا في ترجمة هؤلاء الملوك فهو يقدم لكل أمة بلمحة موجزة في موقعها الجغرافي وحكمها السياسي وتعداد سكانها على اختلاف أجناسهم ومللهم ثم يبدأ في ترجمة الملك من الملوك أو الأمير من الأمراء فيذكر مولده ونشأته وعهده وتاريخ السياسة فيه ونظام حكمه وما عقد من المعاهدات ذاكرًا نصوصها، وكان في عمله هذا سابقًا مشكورًا.
هذا، ولا مندوحة لي من أن أنظر في الكتاب نظرة العربي الذي لا يحب أن يخدع نفسه وقومه، ألا وإن خداع النفس من أباطيل الحياة وأدوائها التي تنهك البدن وتذهب بالشباب والقوة والحذر. قسم المؤلف كتابه إلى قسمين أولهما "الدول الإسلامية المستقلة" وذكر مصر والعراق وبلاد العرب واليمن وتركيا وإيران وأفغانستان، والثاني: "الدول الإسلامية المحمية" وذكر سوريا وشرق الأردن وحيدر آباد وأسبانيا والمغرب الأقصى وتونس ولحج وحضرموت ومسقط والكويت والبحرين. وأنا لا أدري لماذا يخدع المرءُ نفسهُ فيعمد إلى بلاد يأكل الاستعمار مالها وأبناءَها ويقتل أنفسها ويريق دماءها ويفتك فيها بما ملكت يداه من أساليب السياسة فيعدها في جريدة البلاد المستقلة وهي لا تبلغ أن تكون دولة قد رفعت على منازلها أعلام "الحماية" إن البلاد التي وقعت فريسة للحماية