الكاتب إلى صاحب النجوم، ومن الأسطرلابي إلى الجغرافي، ومن مشهد الموسيقار إلى مقعد المغني، ومن عند المزمار إلى دكانة الوتار. الصبيان والبنات في ذلك سواء، وإن كانت الغالبية في الصبيان دون أخواتهم. حتى السجون، فقد كان لأهلها حظ من التعليم وكان لهم معلمون يدخلون إليهم في أوقات معينة".
* * *
وقد تلقى الجاحظ علومهُ على شيوخ البصرة والكوفة وممن أخذ عنهم علومهُ الأصمعيُّ وأبو زيد الأنصارى وأبو الحسن الأخفش وممن تلقَّى عليه العلم المبرد صاحب الكامل.
ويقال إنهُ كان وهو في دور الطلب يعانى الاتجار في الخبز والسمك بسيْحان (نهر بالبصرة) وسواءٌ صحّ هذا الخبر أم لم يصحّ فقد درج الجاحظ في بحبوبة من اليسر والرخاء واتسعت موارد رزقه. . . فلا عجب أن يعلو على أمثاله فضلًا وفهمًا، وأن يقدم للغة العربية هذه المصنفات التي وضعها في كل ضربٍ من ضروب العلم وفنٍّ من فنون الآداب على كثرتها وجليل شأنها. فإن العطايا واللُّهى (?) تفتح اللَّها، على شريطة الاستعداد الفطرى والكفاية الظاهرة (ملخصًا من الفصل الرابع) وقد أشار مصطفى صادق الرافعي إلى ذلك في مقالته عن شوقى في هذا الجزء).
* * *
ومما عرض لهُ المؤلف ولم يدعمهُ بإسناد قولهُ إن الجاحظ أتى مصر قال (صفحة 71) ووقعتُ في كتاب الحيوان على أنهُ وفد مصر وأقام بها زمنًا وأجرى بها اختبارات فيما عثر عليهِ من حيوانها". وحبذا الحال لو أشار إلى الفقرة التي نُصَّ فيها على ذلك أو يُحَصَّل ذلك من معناها. ولكنهُ كان شديد الحذر لما ذكر أن الجاحظ كان يلمُّ بالفارسية -قال أجل ليس هناك نصٌّ صريح يملأُ يد الباحث