تأليف حسن السندوبي -طبع بالمطبعة الرحمانية- صفحاته 247
نال الجاحظ من عناية الكتاب في هذا العهد ما لم ينلْهُ أديب أو عالم آخر من علماءِ العرب وأدبائهم. ولا غرو فقد ميل أن الفيلسوف ثابت بن قرّة الصابئ الحرّانى قال "ما أحسدُ الأمة العربية إلا على ثلاثة أنفسٍ أولهم عمر بن الخطاب والثاني الحسن بن الحسن البصري (وهو من شيوخ المعتزلة) والثالث أبو عثمان الجاحظ". وقال ابن العميد: كُتُب الجاحظ تعلم العقل أولًا والأدب ثانيًا"، وقال كذلك "ثلاثة علوم الناس كلهم عيال فيها على ثلاثة أنفس أما الفقه. . . وأما الكلام. . . وأما البلاغة والفصاحة واللسن والعارضة فعلى أبي عثمان الجاحظ". وقال ياقوت -بعد ما ذكر أن ابن الأخشيد أقام بعرفات ينادى: يرحم الله من دلنا على كتاب الفرق بين النبي والمتنبى لأبي عثمان الجاحظ على أي وجه كان- "وحسبك بها فضيلة لأبي عثمان أن يكون مثل ابن الأخشيد، وهو هو في معرفة علوم الحكمة وهو رأس عظيم من رؤوس المعتزلة يستهام بكتب الجاحظ حتى ينادى عليها بعرفات والبيت حرام. . ." وقال أبو القاسم الإسكافي "استظهارى على البلاغة بثلاثة: القرآن وكلام الجاحظ، وشعر البحترى". وجعل ابن دريد "كتب الجاحظ من متنزهات القلوب" لما ذكرت أمامهُ متنزهات الدنيا أو متنزهات العيون كما دعاها.
وقد اطلعنا في خلال الشهرين الماضيين على كتابين من الكتب الحديثة في الجاحظ الأول كتاب شفيق جبرى -وقد ذكرناه في مقتطف أكتوبر الماضي- والثاني الكتاب الذي بين أيدينا الآن. وعلمنا أن خليل مردم بك وضع كتابًا في الجاحظ كذلك ولكننا لم نره.
وعندنا بعد مطالعة كتابي السندوبي وجبرى أن الأول عنى بإيراد سيرة