السياسيين المتهالكين الذي يقولون للشرق: أنت عاجز، فمن لك ببلوغ هذا المطلب البعيد المغرق في الخيال!

كلا، ليس الشرق عاجزًا بل هو أهل لما حُمِّل، وإن تراءى للناس على غير الحقيقة المستكنة وراء هذا الطوفان من الفقر والجهل والفساد. فإذا عزم العرب وعزم رجاله وقواده أن يفعلوا، فلن يحول بينهم وبين ما يبتغون شيء جل أو تفاقم. بيد أننا اليوم في حاجة إلى الأخذ بهذا المبدأ الواحد، وإلى إزالة أولئك السياسيين القدماء عن مكان القيادة في بلادنا، وإلى تقدم الفئة الصالحة إلى هذه التبعة الجليلة لتحملها حملا لا يعجزها ولا يصرفها عنه خوف ولا تردد. ولقد سبق العراق، وسوف تتبعه سائر البلاد العربية والإسلامية، ولن نلبث قليلا حتى نرى في هذا الشرق عجائب القوة العظيمة التي انطوت عليها جوانحه، فلابد من أن تفسح الحكومات الطريق للعمل القوي الماضي الذي لا يرتد عن غايته، ولابد من أن تدفع الشعوب عن نفسها طغيان السياسيين المخادعين المنافقين، ولابد من أن يتولى العرب بأنفسهم حل هذه القضية الواحدة بالصبر والمقاطعة، وبالعزم والجلاد وبالتضحية الكبرى في سبيل إنقاذ البشر من فتن كقطع الليل المظلم، ومن فساد جارف كالسيل المتدفق، ومن طغيان قذر قد ارتطم فيه هذا العالم القديم الذي قام على أسس فاجرة من الجشع.

أفيقوا أيها الناس، واستيقظى أيتها الحكومات، وتقدمى أيتها الجامعة العربية باسم العرب الى حمل التبعة العظيمة والزمن أسرع منكم، فبادروه بالعمل والصرامة، وبالصدق والإخلاص، فإن حياتكم وحياة أممكم معقودة بشيء واحد، هو ثباتكم على المبدأ الأعظم، وأخذكم بالقوة التي استودعها الله في قومكم وغفلتم عنها أجيالا طوالا. هبوا فقد أَنَى (?) زمنكم وأعدَّكم الله لشيء أنتم بالغوه في الناس وفي أنفسكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015