وغاب عن هذه الدول جميعًا شيء واحد، هو أن هذه الأمم التي يصبُّون عليها أحقادهم المرذولة وسَخائمَهم العتيقة، قد لقيت من قبل أشد مما تلقى اليوم، ومع ذلك فقد استطاعت أن تخرج على الدنيا طاهرة نبيلة لا تحمل حقدًا ولا ضغنًا، فانتشلت الحضارة الإنسانية من أوحال الجهل العميق الذي كانت تعيش فيه أوربة وأمريكا وروسيا، ورفعت النار لكل مهتد حتى اهتدى.

إن هذه العرب لا تنام على ذل أبدًا، فلتعلم هذا روسيا، ولتعلمه بريطانيا، ولتعلمه أمريكا، وليعلمه الأفاقون من اليهود.

لقد نادت فلسطين غير نيام، نادت أيقاظًا يحملون بين ضلوعهم تلك الشعلة الخالدة في تاريخ الإنسانية، والتي نحن القوَّام عليها والقائمون بها، والتي نحن لحاملوها حيثما سرنا في الأرض -شعلة الإيمان بالله الواحد القهار- إن كل سلاحٍ سلاحٌ مفلولٌ إذا لقى سلاحنا، لأننا لا نقاتل بالتدمير والخراب، بل بالتعمير والإنشاء ورد الحقوق على أهلها وإن كانوا قد ظلمونا ونكلوا بنا من قبل. ولتعلم هذه الأمم العدو لنا جميعًا أن المعجزة التي كانت يومًا ما، سوف تكون مرة أخرى يوم ننبعث من ظلماء هذه الحوادث سراعًا إلى نجدة أمنا فلسطين، فتنبثق الأرض عن جنود الله القدماء:

عن كل أروَعَ ترتاعُ المنونُ له ... إذا تجرد، لا نِكسٌ ولا جحِدُ (?)

يكاد حين يلاقى القِرْن من حنق ... قبل السِّنان على حوْبائه يرِدُ

قلوا، ولكنهم طابوا، وأنجدهم ... جيش من الصبر لا يفنى له عدد

إذا رأوْا للمنايا عارضًا لبسوا ... من اليقين دُروعًا ما لها زَرَدُ (?)

هذه ليست خطابة ولا حماسة أيتها الأمم، بل هي الحق، وهي عادتنا وعادة الله فينا، والله غالب على أمركم وأمرنا، ونحن جند الله في الأرض على رغمكم، وإن سخرتم أو كذَّبتم!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015