ونحن شعب لا طاقة له بحرب بريطانيا بالسلاح، لأنها ظلت خمسًا وستين سنة تنزع من أيدينا كل سلاح، وتضعف جيشنا بكل أسلوب، وتحيط بنا من كل مكان، حتى لا نجد لأنفسنا منفذًا نستطيع أن نستجلب منه السلاح الحديث الذي يعيننا على حربها. هذا حق، ولكنه على وضوحه ليس بشيء، فإن الأمة التي تريد استقلالها وتحرص عليه لن تمنعها قلة السلاح من أن تفعل شيئًا كثيرًا تستطيع به أن تنال ما تريد. وبريطانيا لن تستطيع أن تفني هذا الشعب المصري السوداني إذا هب لقتالها مجردًا من كل سلاح إلا سلاح العزيمة والتضحية وبذل المهج وإرخاص النفوس والدماء في سبيل الوطن.

وبريطانيا ترى أن من مصلحتها أن يستقر السلام في هذا الشرق الأدنى، وهي تتخذ هذا حجة لبقائها في مصر والسودان وفلسطين والعراق، فينبغي أن نبحث عن الأسلوب الذي يفسد عليها هذا السلام الكاذب الذي تنتهك هي حرمته باحتلال أرض هذه الشعوب، والعالم العربي كله يعلم أن مصر والسودان هي قلب بلاده فإذا ظل هذا القلب ضعيفًا مأسورًا في قيود الاستعمار فالعالم العربي عاجز عن أن يفعل شيئًا في سبيل النهضة التي تجيش بها صدور أبنائه، وهو أيضًا عرضة للبقاء الطويل تحت نير الاستعباد الأوربي الفاجر المتعصب، وهو أيضًا لحم على وضم (?) ينال منه كل طارئ وأفاق ما يشاء، ويصب عليه من ازدرائه واحتقاره ما تسول له نفسه الخبيثة، لأنه يعلم أنه قوى في حماية هذه الدول الطاغية المستعمرة جميعًا. فلزام إذن على هذا العالم العربي كله أن يهب هبة واحدة للجهاد -من أقصى مراكش إلى حدود العراق بغير استثناء- متخذًا كل وسيلة من المقاطعة إلى المحاربة الظاهرة والخفية جميعًا.

وهذا الغرض السامي يتطلب منا أن نجمع شملنا، لا في مصر والسودان وحدهما، بل في كل مكان من هذا العالم العربي، وفي كل ناحية من نواحي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015