فالرجل الذي يعرف أنه قوى ينبغي أن يجعل قوته عملا ظاهرًا لا يرتد مخافة إرهاب أو نكبة أو شر يلاقيه. فإذا شاء رجال العرب وأماثلهم أن يصبحوا في تاريخ العرب مجدًا لا ينكسف ضوؤه أبد الآبدين، فليستلهموا تاريخ أسلافهم الذين خرجوا من أرضهم وديارهم شعثًا غبرًا جياعًا، ولكنهم خرجوا أيضًا مؤمنين بأن كلمة الله هي العليا، وأن حقهم، وإن قل ناصره، أقوى من باطل سواهم وإن كثر أعوانه والعاملون له. وعليهم أن يزأروا زئير الأسد في غابه، حتى يستيقظ النائم، ويتأهب الأعزل، ويجتمع المتفرق، وعليهم أن يحاصروا عدوهم بالمدافعة عن حقهم، قبل أن يحاصرهم بالتهجم على حقوقهم، وعليهم أن يعلموا علم اليقين أن العربي حين يمد يده إلى سيفه، فهو يمدها إلى قوة زاخرة لا تزال تنحدر إليه منذ آلاف السنين بمدد لا ينضب من العزة والشرف والمجد الذي تناله يد المتطاول.
إننا قوة لن يتجاهلها أحد مهما بلغت قوته إلا كنا شجى في حلقه، لا مجازًا وبلاغة، بل هي الحقيقة المجردة عن كل مبالغة.
* * *
إننا قوة سوف تجبر بريطانيا وروسيا وأمريكا وسائر أمم الغرب على أن تعرف أن العرب، قد أفاقوا في العصر، وأنهم قد عزموا على أن ينالوا حقهم أو أن ينتزعوه انتزاعًا من كل من تسول له نفسه أن يهتضم حقوق الناس ويأكل أموالهم ويعيث في بلادهم فسادَا وطغيانا وشرًّا. إننا نحن العرب أمة واحدة في دول متعددة، وسنكون أمة واحدة تحمى حقوق الضعفاء من أي الناس كانوا. إننا نحن العرب أمة قوية وإن ظن الناس بنا الضعف، ونحن أصحاب هذه الرقعة من الأرض، سوف تكون خالصة لنا دون الناس لا تشاركنا فيها دولة بريطانية؛ أو دولة صهيونية أو دولة فرنسية.
وعن قريب سوف تقول حكومات العرب كلمتها، وسوف يجتمع رأينا على أننا لن نرضى بأن نجعل قضيتنا أجزاء يتلعب بها هذا ويلهو بها ذاك، إنها قضية واحدة، يرفعها شعب واحد، مطالبًا بحق واحد، هو أننا أحرار في بلادنا.