التي يصبهَا علينا مرتزق بين ظهرانينا، ونأسف لأن حكومتنا المصرية لا تزال هادئة صابرة، بل مجاملة أشد المجاملة لهذا النوع من المرتزقة. وكان خليقًا بأية حكومة في الدنيا -لا حكومة مصر- أن تعرف أولئك الذين أذاعوا أنباء غير صحيحة في طائفة من المسائل التي تتعلق بمصر، وأن تقول لهم إنكم كذبتم، فإما أن تكفوا عن إذاعة هذه الأكاذيب، وإما أن تغادروا بلادي. ثم ترفع كل الأدلة التي تفضح كذب هؤلاء الكذابين من المرتزقة إلى حكوماتهم، وأن تبرئ ذمتها من دخيل لا يرعى أدبًا ولا خلقًا، ولا يعرف قدره ولا أقدار الناس!

إننا نطلب الحرية وسننالها، وسنكون أحرارًا في بلادنا نسوسها بالسياسة التي نرتضيها لأنفسنا. ونحن لن نرضى لأنفسنا إلا الإنصاف، ننصف أنفسنا، وننصف من يعاشرنا من الأجانب. ولكن إذا ظن الأجانب أن هذا الإنصاف الَّذي لهم ينبغي أن يكون على ما تعودوه منذ خمس وستين سنة، من امتهان المصريين ومن الغطرسة عليهم، ومن بقائهم طبقة واحدة ترى أنها أنبل منا، وأشرف منا، وأحسن عقلا منا، وأولى بثروتنا منا، وأحرى بالامتياز من كل مصري يعيش على أرض مصر -فيومئذ سوف ننصفهم أيضًا، ولكن بما نرضى به نحن غضبوا أو رضوا، وضجوا أو سكتوا.

أما الدول التي تتنادى باسم الحرية، والتي تنكر على مصر والسودان، وعلى فلسطين، وعلى العراق، وعلى بلاد المغرب كلها -أن تكون أممًا حرة، فلتفعل ما تشاء، لأن هذه العرب لن تهادن إلَّا مَن يهادنها ولن تجامل إلا من يجاملها، ولن تعاون إلا من يعاونها، ولن تمد يدها إلا إلى من يمد لها يدًا نقية من الغدر والفتك والنفاق.

الحرية حق طبيعي، فنحن بالغوه ومدركوه شاءت الأمم أم أبت. والقوة الدافعة إلى طلب الحرية غريزة فطرية، فنحن خاضعون لها حتَّى تحقق غايتها شاءت هذه الأمم أم أبت. والإنصاف طبيعة فينا، فنحن سننصف أنفسنا وننصف من يعاشرنا، رضى بذلك من رضى وكرهه من كره. وهذا كله شيء ليس لنا فيه خيار، لأننا كدنا نموت ونريد أن نحيا. ونحن نتعلق في حياتنا هذه كالجائع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015