شديد المُماكَسَة (?) مولَعٌ بالجدال، ويحاول أن يبسُط لك الأمر بسطًا حتى تقتنع بأنه غير ظالم، بل هو العادل الذي لا يعرف العدل أحدٌ سواه. ومن شاء أن يناقض هذا الذي أقوله فلينظر إلى حُجَّة هذا الشعب في موقفهم أو احتلالهم للهند. وفي احتلالهم لمصر من أجل الهند. فالهند مستعبدة ظُلمًا وجورًا، وهم يريدون أن يحللوا بقاءهم في مصر، لأن فيها قناة السويس، وهي التي تؤدي أو تسهل الطريق إلى بلاد الهند. فإذا خرجت القناة من أيديهم كان ذلك وبالا مستطيرًا على مصالحهم في الهند! فينبغي عندهم أن ترضى مصر بالأمر الواقع، وهو بقاؤهم حراسًا على القناة، لئلا تضيع مصالحهم في البلاد التي استعبدوها واستذلوها وأفقروا أهلها وأكلوا أموالها وأعروْا ذَرَاريها، وهتكوا الستور عن أحرار نسائها. يا له من منطق! وهل في طاقة أحدٍ أن لا يقتنع برأيهم في حفظ كيان هذه الإمبراطورية الضخمة! كلا بل ينبغي أن يُطيع العالم وأن يَسمع. فلو أن الإنجليز فرَّطوا لهوَى العلم البريطاني إلى الرغام في أرض الهند، ولبقيت الهند عارية لا تجدُ هذا الدفءَ الحلو اللذيذ، ولا هذا الظل الوارف الناعم الذي ينشره عليها علم بريطانيا!

فحدثني أيها الصديق ماذا تريد بعد ذلك أن أقول لك في هذه المعاهدة التي تريد إنجلترا أن توقعها مصر راغمة أو راضية! دَعْ عنك الحيرة، ودع عنك تقلب الرأي، واختر لي أنت رأيًا أصير إليه. وإلا فإني أقول لك كما قلت دائمًا: إن المعاهدة بيننا وبين بريطانيا، هي أن ندخل معها في جُحر اليربُوع حتى إذا استقرَّ بنا المقام قليلا "نفقتْ" كما يمرق اليربوع من نافقائه إذا سُدّت عليه المسالك!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015