من مذكرات عمر بن أبي ربيعة أيام حزينة

" قال عمر بن أبي ربيعة. . . .": وجاء ابن أبي عَتيق [هو عبد الله بن محمد أبي عتيق بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق]، فوالله لَأَن كنتُ بين ضِرْسين من الجبل يدوران عليَّ دَوَرانَ الرَّحَى، أهونُ عليَّ من أن أكون لقيتُ هذا الرجلَ الحبيبَ!

كانَ رجُلًا ضَرْبًا خفيفَ اللَّحم أحْمَر ظاهِرَ الدَّم كأنّ إهابَه شُعْلَةٌ تَشِبُّ (?) وتتلهَّب، أفرعَ فينَانَ الشَّعَر، مخروطَ الوجه، أزهَرَ مُشْرِقًا كأنّ بين عينيه نجمًا (?) يتألّق، يُقْبل عليك حُرُّ وجْهِه بعينين نَجْلاوين قد ظَمِئ جَفْناهما حتى رقَّا، يرسِلُ إليكَ طَرفَهُ فترى الضحكَ في عينيه خِلقَةً لا تكلّفًا، ما أَحسبني رأيتُه مَرة إلّا خِلْتُه دُعابةً قال لها الله: كوني! فكانَتهُ. وكأني به قد دَخَل على أمّ المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق وهي تَكِيد بنفسها (?) -في مرضها الذي ماتت فيه- يَقُول: كيف أصبحت يا أماهُ؟ جعلني الله فِدَاكِ! فتقول عائشة: أجِدُنِي ذاهبةً يا بُنَي! فيقول: فلا إذَنْ يا أمَّ المؤمنين! ! فتتبسم عائشة وتقول: حتى على الموت يا ابن أبي عتيق! ! فيقول: أَرضاكِ الله يا أمَّاه! لو جَاءني الموتُ كأكرهِ ما يأتي على حيٍّ، ما تركتُ له دُعابتي حتى يَستضحكَ، فيرحَل بي عن الدُّنيا بوجْهٍ غير الذي جاء به!

فلو أنّ امرأً من عُرض الناس لا أَعرفه، جاءني فزعم أنّ نجمًا في السماءِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015