ومع ذلك فأنا وأنت نعلم -ووزارة المعارف تعلم أيضًا- أن حكمها على الكتاب قد صار، وأن هذا الحكم ليس نقدًا ولا شبيهًا بالنقد، وإنما هو طعن وتجريحٌ وطغيانٌ كلاميٌّ مُؤذٍ كان يجب على هذه الوزارة أن تترفع عنه.
ومع ذلك كله، فالوزارة تقول إن هذه الطبعة التي نشرتها المكتبة التجارية الكبرى فيها "فُحْشٌ"، هذا الحرف، بهذا النص، على هذه الصورة، في هذا الوضع! فأنا أتحدّى هذه الوزارة في هذا المكان وأطالبُها باستخراج "الفحش" الذي وقع في طبعتي، أين هو؟ فإذا فعلتْ، فسنرى أيُّ الفُحشين أفحش، أهذا الذي تدعيه وزارة المعارف على كتابي ادِّعاءً، أم الذي هو قائمٌ مقررٌ في الكتب التي قررتها وزارة المعارف وطبعتها وأذاعتها، وأمرت مدارسها بدراستها أعوامًا طوالًا؟
وتقول وزارة المعارف إن في طبعتي "تحريف"؛ هذا الحرف، بهذا النص، على هذه الصورة، في هذا الوضع! فأنا أتحدَّى هذه الوزارة أيضًا في هذا المكان، وأطالبها باستخراج هذا "التحريف"، ليعلم من لم يكن يعلم أي التحريفين أقبح، ما أقع أنا فيه، أم ما وقعتْ فيه هي في الكتب التي صححتها وشرحتها وأذاعتها وقررت دراستها أعوامًا طوالًا؟
ومع ذلك كله، فأنا أقرر في هذا المكان أن "الفحش"! هذه واحدة، وأن "التحريف"! وهذه أخرى، ليسا سوى دعوى من الوزارة لا برهان لها عليها ألبتة، وأن الجرأة والطغيان قد بلغا مبلغًا في هذه النشرة الرسمية، وأن كتب وزارة المعارف قد عرضت لي صفحتها، فإن شئت قضيت وإن شئت أمسكت.
أما ثالث أقوال الوزارة من أن الكتاب فيه "نقص في الشرح"، فليس صحيحًا بوجه من الوجوه، إذ كان شرحي مختصرًا مبينًا عن وجه العبارة والمعنى؛ وقاعدتي في الشرح أن أدع نص أصحاب اللغة في شرح اللفظ اللغوي، إلى عبارة أعبر بها معنى الجمال على الوضوح والبيان. وبذلك أسقط من الكلام ما تحشو به وزارة المعارف كتبها من الشروح التي لا معنى لها، وسأضرب في كلمة أخرى أمثلة كثيرة أزعم أنها هي التي بغضت إلى الطلبة أكثر كُتب الأدب التي وزعتها عليهم، وصرفتهم عن الاستفادة منها.