النشوة، أي من الحالة التي يفقد فيها العقل والروح قدرتهما على التحكم في نظام الحياة. وأقدمت المرأة الأوربية إقدامَها الجرئ فجلبت زينتها من كل خيال ومن كل فن ومن كل سحر، لتعين الحضارة على الحياة والبقاء في هذا الجوّ الذي اختارته وعملت له. وكان هذا الإقدام ضرورة طبيعية للمقدمات التي سبقت عصر الحرب الماضية، ثم للحرب نفسها. فإن المرأة التي فقدت زوجها، والفتاة التي أضلت حبيبها، والبنت التي أضاعتْ قَيِّمها من أب أو أخٍ أو عمٍ، . . . وبقيت في موج الحياة حَيرى متلَدّدة (?)، لم تجد بُدًّا من الإقدام على الطريق المجهول بجرأة واندفاع وتهور، فلما أوضعتْ (?) في الطريق المجهول وأسرعت خطاها جرى العالم وراءها يطلبها، فلم تجد بدًّا من أن تأخذ منه أكثر ما تستطيع لتجتلب لزينتها أحسن ما تستطيع، وتطارد الصيدُ للصائد في كل وجه حتى اصطدم العالم كله هذا الاصطدام الهائل الذي لا يدري إلى أين ينتهي ولا كيف ينتهي.
وستخرج المرأة من هذه الحرب أيضًا كثيرة فاتنة حائرة لا تجد أباها ولا زوجها ولا أخاها ولا حبيبها، وستكون في عينيها تلك النظرة الحزينة الضارعة التي تقول لك: أنقذني! أنقذني! ! أنا وحدي، لا أجد من يعولني! وسينظر العالم الجديد إلى هذه المرأة بالرحمة والعطف والحنان، كما نظر للّواتي كنَ بعد الحرب الماضية. وستعمل المرأة يومئذ لتكتسب الرجل في كل وجه، ثم لا تلبث أن تُوجِد من بقايا العالم المتحطم سحرًا جديدًا لمدنية ساحرة، وبذلك يرتد العالم إلى النظام الاقتصادي الفاجر المبني على اللذة وطلبها والبحث عنها، فتكون أنظمته كلها قائمة على الاستبداد والفجور في الاستبداد.
ويومئذ يبدأ تحقيق نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أشراط الساعة وما يكون في أعقاب الدهر، إذ "يُرفَع العِلْمُ، ويكثر الجهل، ويكثر الزنا، ويكثر شرب الخمر، ويقل الرجال، ويكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد"، وحتى