وأما ما يقال من أن الزلزلة والطرب على مجاورة في لغتنا! ! فهو شيء لا أصل له، وهي عبارة لا تؤدى إلى معنى، وهو كلام "يدخل بعد العِشاءِ في العرب".
وأخيرًا. . .، فمن عظة نبينا - صلى الله عليه وسلم - قوله: "من طلب العلم ليماري به السفهاء، أو يُباهي به العلماء، أو يصرف به وجوه الناس إليه، أدخله الله النار". ونحن نعوذ بالله أن نخالف عن أمر نبينا، أو نكون ممن يستخف بما أنذر به، فنباهي الأستاذ بشر بما نعلم، وإذن فلست أجهل حديثي هذا إلا للقراء وحدهم لأضع به عن نفسي أمانة العلم. . .
حتى إذا ما الصباحُ لاحَ لهم ... بيَّن ستُّوقَهم من الذهب (?)
والناس قد أصبحوا صيارفة ... أعلم شيء بزائف النسب
فأستأذن القراء وأستغفرهم، فأنا امْرُؤٌ لا يحب أن ينصب نفسَه لمَن هو عنده نفسُه أكبرُ من نفسه والسلام.
وما دمنا في حديث أمانة العلم، فقد رأيت أن الأستاذ المحقق "بشر فارس" روى خبرًا عن ابن شبرمة القاضي قدمناه آنفًا وهو: "ذهب العلم إلا غبارات في أوعية سود". وقد رأيت صاحب العقد الفريد (ج 1 ص 205 طبعة بولاق أيضًا! ) قد أورده بهذا النص عينه، وهو يبدو لنا نصًا عربيًا مظلم النور.
وتحرير رواية الخبر: "ذهب العلم إلا غُبَّراتٍ في أوعية سوء" بضم الغين المعجمة وفتح الباء المشددة. والغبّرات جمع غبّر، وهو آخر الشيء وعقابيله وما يبقى منه. يريد ابن شبرمة: أن العلم لم يبق منه إلا قليل قد وقع في صدور رجال من الفخار والخزف لا تضئ ولا تقبل الضوء.
وقد ورد هذا الحرف (غبرات) في حديث عمرو بن العاص يقول لعمر بن الخطاب: "إني والله ما تأبّطتني الإماءُ، ولا حملتني البغايا في غبّرات المآلي".