ولا أن أضعه دون منزلته في نفسه، وأنسب إليه هذه الخوارق التي ذكرها الدكتور المقالح. لا أدري كيف توهم الأستاذ الدكتور هذا التوهم! هذا شيء! ! .

أما "التهمة" التي ذكرها ووضعها بين الأقواس، فهي إشارة إلى ما كتبته في مقدمة كتابى "المتنبى"، الذي كتبته قديما سنة 1936، فلما أعدت طبعه سنة 1977، كتبت هذا المقدمة وسميتها "قصة هذا الكتاب -لمحة من فساد حياتنا الأدبية"، وتعرضت فيها لما سميته "التفريغ" وهو اللفظ الموجود في التهمة التي بين الأقواس.

وأنا مضطر هنا أن أتعرض لبيان ما في هذه المقدمة، لأنها هي التي جلبت عليَّ هذا السَّيل من الألفاظ التي استعملها الدكتور المقالح، وأعطت قراء مجلة العربي، معلومات لا أصل لها عندي، أي فيما كتبت مطبوعا منشورا في كتاب! !

بدأت هذه المقدمة من ص 9 إلى ص 26، وفيها قصتى مع الدكتور طه، وكتاب الشعر الجاهلي، وأنا طالب في الجامعة وتلميذ للدكتور طه، حتى تركت الجامعة في سنة 1928 ووصفتُ الدكتور طه بألفاظ صريحة بلا عبث ولا مخاتلة، وليس في هذا القسم ذكر لما سميته "التفريغ".

ثم قطعت هذا الجزء من المقدمة، وابتدأت في حديث آخر من ص 27 إلى أواخر ص 39 وبدأت هذا الفصل هكذا!

"ومرت الأيام والليالي والسنون، ما بين سنة 1928، وسنة 1936، وهي السنة التي كتبت فيها هذا الكتاب "المتنبى"، وهمي مصروف أكثره إلى قضية الشعر الجاهلي، وإلى طلب اليقين فيها لنفسي، لا معارضة لأحد من الناس (وأعنى الدكتور طه بالطبع). ومشت بى هذه القضية في رحلة طويلة شاقة، ودخلت بى دروب وَعِرة شائكة، وكلما أوغلت، انكشفت عني غشاوة من العمى، وأحسست أنى أنا والجيل الذي أنا منه، وهو جيل المدارس المصرية، قد تم تفريغنا تفريغا يكاد يكون كاملا من ماضينا كله، من علومه وآدابه وفنونه. وتم أيضا هتك العلائق بيننا وبينه، وصار ما كان في الماضي متكاملا متماسكا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015