وإذن فأقرب شيء إلى الاحتمال، هو ما رآه الدكتور الطاهر بعيد الاحتمال، أن يكون لفظ "وندلس" قد دخل إلى العربية دخولا مباشرا بقلب الواو الأولى المفتوحة همزة. والذي ألجأ سلفنا الفاتحين من العرب أصحاب اللسان العربي إلى إبدال الواو الأولى المفتوحة همزة، أنها جاءت بعدها نون ساكنة، ومخرج الواو من طرف الشفتين، ومخرج النون الساكنة من الخياشيم، فثقل ذلك على ألسنتهم لقرب المخرجين، ولارتداد النفس من الشفتين عكسا إلى الخياشيم، ولأن الواو المفتوحة أخفى من الواو المضمومة والمكسورة في النطق، ولأن الهواء المندفع من الحلق عند نطق الواو المفتوحة آت من عند مخرج الهمزة في أقصى الحلق، فمن أجل ذلك كله آثروا أن يقلبوها همزة صريحة من أقصى الحلق، ليندفع هواؤها إلى مخرج النون الساكنة من الخياشيم سهلا بلا مؤونة على أداة النطق.

ولهذه الأسباب نفسها، رأيت أصحاب اللسان العربي فيما استظهرته وتتبعته، قد كرهوا أن تجتمع الواو والنون متجاورتين في أول الكلمة الواحدة من عربيتهم، وتكون الواو أصلا في الكلمة، والنون التي تليها أصلا أيضا في الكلمة.

وإذن، فالذي لا شك فيه، هو أن لفظ "وندلس"، قد دخل اللسان العربي مباشرة، بعد إخضاعه للقانون الصوتى العربي، ليدخل بعد أن يصقله الذوق العربي دخولا سهلا ساريا على أصول لغته.

وللأخ الدكتور الطاهر أجزل الشكر على الفوائد الكثيرة التي تضمنها مقاله عن "الأندلس".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015