وسائر ما كان من القرى في شمال المدينة، وما نزلت به هو من أرض العرب فسكنته وغرسته وبنت فيه بيوتها وآطامها وأسواقها.
55 - وقد بقى خبران لم أتعرض لهما، أولهما: خبر الطبري، وشبيهه الَّذي جاء في تفسير البغوي (رقم: 14) في شأن النفر الاثنى عشر من أحبار يهود، الذين جاءوا من خيبر وقرى عربية، وقد تواطأوا على الدخول في دين الله أوّل النهار، ثم يكفرون آخره، وهذا الخبر لم أجده مفسَّرًا مبسوطًا في مكان آخر، وقد ذكر أصحاب السير اجتماع نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما كان من أمرهم.
وقد ذكر ابن اسحق أن (سورة آل عمران) التي ذكر الله سبحانه فيها مقالة أحبار يهود: {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ} [سورة آل عمران: 72]، إنما نزلت خاصة في الذين كانوا يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتعنتونه، وعدَّ منهم (أبا ياسر بن أخطب)، وأخاه (حيى بن أخطب)، وهما من بني النضير (ابن هشام 2: 160 - 2: 194، 197)، وعبد الله بن صيف، من بني قينقاع، وعدى بن زيد، والحارث بن عوف، من بني قريظة (ابن هشام 2: 161، 162 وتفسير الطبري 6: 504، رقم: 7223)، وهؤلاء الثلاثة من الذين تواطأوا على أن يؤمنوا أول النهار ويكفروا آخره.
فأما (حيي بن أخطب) وأخوه، فهما من بني النضير، و (صفية أم المؤمنين)، هي بنت (حيي بن أخطب) سيد قريظة والنضير (صحيح مسلم -كتاب النِّكَاح- باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها). وإذ كان ذلك كذلك، فأرجِّح أن أموال (حيى بن أخطب) ومنازله كان بعضها في فدك، وقرى عربية (وهي التي نزلت فيها آية الفيء، كما أسلفنا، فهذه الآية نزلت في بني النضير، بلا شك، و (سورة الحشر) التي منها هذه الآية، كان ابن عباس يقول هي (سورة بني النضير).
ولما أجلى بنو النضير إلى خيبر، كانت لحيي أيضًا أموال بها، لأن (صفية