- وأما الخبر الثاني من الزهري، فهو (قرى عربية) في كتاب الأموال لأبي عبيد، وفي فتوح البلدان للبلاذري، وفي آداب الشافعي لابن أبي حاتم، وفي معجم ما استعجم للبكرى، وفي تفسير الطبري، وفي الدر المنثور، وفي مختصر المزني، ويزيده ثبوتًا تعقيب أبي عبيد عليه (رقم: 7) بقوله: (هي في العربية (قرى عربية) بتنوين، والمحدِّثون يقولون (قرى عربية) بغير تنوين، فلو كانت (قرى عرينة) لم يكن لها سوى وجه واحد، وهو بالإضافة وترك التنوين، ويزيده ثبوتًا مرة أخرى إتيان ابن أبي حاتم به، بعقب ما نقله عن الربيع بن سليمان عن الشافعي في تفسير (القرى العربية) وهي التي بناها اليهود في بلاد العرب، وأنها هي التي أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - (رقم: 21).
فبان بهذا أن السمهودى قد صحّف أو نقل عن كتاب مصحف لا خير فيه، ثم ضبط هذا الضبط (قرى عرينة)، كجهينة، من عند نفسه، لا عن أصل صحيح أو رواية ثابتة.
* * *
28 - أما ياقوت في معجم البلدان (رقم: 3)، وأظن السمهودى قد نقل عنه، فإنه أغمض كلامه إذ قال: (وعرينة، موضع ببلاد فزارة، وقيل قرى بالمدينة. وعرينة قبيلة من العرب)، فهو لم يصرح بذكر (قرى عرينة، بل أتى في نفس المادة بعقب هذا الكلام بأنه رآها (قرى عربية) مضبوطة بخط العبدرى في فتوح الشأم (رقم: 20) فقد أبرأ الرجل ذمته، ودلَّ على توقفه وتشككه.
* * *
29 - وأقدم ضبط في هذه الأخبار، هو ما جاء في خبر أبي عبيد الله كاتب المهدي، وشبيب بن شيبة وقتيبة النحوى الجعفي الكوفي (رقم: 23)، ونقله البكري في معجم ما استعجم، والسيوطى في بغية الوعاة، فأبو عبيد الله معاوية ابن عبد الله بن يسار الأشعرى، كاتب المهدي، ولد سنة 100، وتوفي سنة 170، وشبيب بن شيبة المنقرى توفي سنة 162. وهو خبر يقوم على الاختلاف في تنوين (قرى عربية) وترك تنوينها، على نحو ما كان من كلام أبي عبيد في الأموال (رقم: 7). وقد بنيت أنَّه لا وجه للاختلاف إذا كانت (قرى عرينة)