المنهاج، ولكني أردت كما قلت أن أبين أن الأصل في ديننا هو تقوى الله وتصديق خبر رسول الله وأن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ليسوا لعانين ولا طعانين ولا أهل إفحاش، ولا أصحاب جرأة وتهجم على غيب الضمائر، وأن هذا الذي كانوا عليه أصل لا يمكن الخروج منه، لا بحجة التاريخ، ولا بحجة النظر في أعمال السابقين للعبرة واتقاء ما وقعوا فيه من الخطأ.

ولو صح كل ما يذكر مما اعتمد عليه الكاتب في تمييز صفات هؤلاء الأربعة، وصفة بني أمية عامة، لكان طريق أهل الإسلام أن يحملوه على الخطأ في الاجتهاد من الصحابي المخطئ ولا يدفعهم داء العصر أن يوغلوا من أجل خبر أو خبرين في نفي الدين والخلق والضمير عن قوم هم لقرب زمانهم وصحبتهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أولى أهل الإسلام بأن يعرفوا حق الله وحق رسوله، وأن يعلموا من دين الله ما لم يعلمه مجترئ عليهم طعان فيهم.

وأختم كلمتى هذه بقول النووي في شرح مسلم (16: 93) "اعلم أن سبَّ الصحابة -رضي الله عنهم- حرام من فواحش المحرمات، سواء مَن لابَسَ الفتن منهم وغيره، لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون. وقال القاضى: سب أحدهم من المعاصى الكبائر. ومذهبنا ومذهب الجمهور أن يعزر ولا يقتل. وقال بعض المالكية يقتل". وأسدى النصيحة لمن كتب هذا وشبهه أن يبرأ إلى الله علانية مما كتب وأن يتوب توبة المؤمنين مما فرط منه، وأن ينزه لسانه، ويعصم نفسه، ويطهر قلبه، وأن يدعو بدعاء أهل الإيمان {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [سورة الحشر: 10].

من أجل هذا أقول: إن خلق الإسلام، هو أصل كل منهاج في العلم والفهم، سواء كان العلم تاريخًا أو أدبًا أو اجتماعًا أو سياسة. وإلا فنحن صائرون إلى الخروج عن هذا الدين، وصائرون إلى تهديم ما بناه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإلى جعل تاريخ الإسلام حشدًا من الأكاذيب الملفقة، والأهواء المتناقضة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015