كتب كاتب في الأهرام يعلق على موقف روسيا من مسألة قناة السويس، وأراد أن يفسر مسلك موسكو في هذا الأمر، وزعم بعد التطويل أن الخطأ خطأ وزير الخارجية النشيط، إذ تأخر عن الاتصال بموسكو، فسبقته إسرائيل إلى الاتصال بها، فغيرت روسيا موقفها من أجل إسرائيل.
وهذا الضرب من التفسير، يراد به دائما أن نظل عالة نمد أيدينا إلى الأمم والدول، نطلب منها النصرة، ونخيل إلى أنفسنا أن لو فعلنا ذلك، لاستطعنا أن نصل إلى كثير، لولا تقصيرنا. وهذا الكاتب يخدع الناس .. فروسيا -وغير روسيا- لها سياسة هي بها أعلم، وهي إليها تسعى، ووزير الخارجية لا يعرف شيئا عن هذه السياسة، ولا يمكن أن يعرف، ومهما فعل فلن يغير شيئا منها، ولن يستطيع بلباقته المشهورة! ! أن يحول هذه السياسة إلى مصلحة بلادنا، وإسرائيل لم تكن هي التي غيرت سياسة روسيا فجعلتها تخذلنا بعد أن تظاهرت بنصرتنا. بل الحقيقة أن لروسيا أغراضا في مجلس الأمن وغير مجلس الأمن، -ولها سياسة ثابتة تعرفها- لا تغير بهذه السهولة بين عشية وضحاها من أجل إسرائيل، ومن أجل نشاطها السريع الحاسم، كما يزعم هذا الكاتب.
كان أولى بالكاتب الفاضل، أن يبين لقراء الأهرام أن الشعوب التي تطلب الحرية، ينبغي أن لا تصدق الدول التي صارت كل صناعتها في العالم أن تسلب الناس الحرية، وتأكل الأمم أكلا لا يبقى على إنسانية ولا كرامة ولا شرف. حطموا هذه الأقلام الكاذبة، فقد قادتنا زمنا طويلا إلى اليأس والانحلال. كنتم بالأمس تهللون لروسيا وأنتم لا تعلمون، ماذا تخبأ، ويتأثر الشعب بتهليلكم ويفرح ويأمل، ثم يصبح وأنتم تنوحون وتفسرون! ! ليتأثر الشعب ويحزن بنواحكم ثم ييأس. وكأنكم تريدون أن تدعوا هذا الشعب يعيش في بلبلة دائمة