التربية الإسلامية الوطنية، تجاه التربية الأجنبية في مدارس الدول الأوربية والأمريكانية (?).
فلم يدخل المدارس إلَّا بعد تجاوزه الخامسة عشرة من عمره، وكان ذلك عن رأي والده وإرشاده، خوفًا عليه مما يعرض في المدن للناشئين من الفتن، فلما أن وثق من دينه وخلقه ورشده أذن له بالإقامة في مدينة طرابلس الشام لطلب العلم في المدارس.
وكان قبل دخوله المدارس شديد العناية بمطالعة كتب الأدب وكتب التصوف، قال في كتابه "المنار والأزهر" ص 140: "وكان أعجب كتب التصوف إليَّ إحياء علوم الدين لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي، فهو الذي طالعته كله، وكنت أكثر مراجعته وقراءَة بعض أبوابه عودًا على بدء، ثم صرتُ أقرؤه للناس، وكان له أكبر التأثير في ديني وأخلاقي وعلمي وعملي، وإنهُ لتأثير صالح نافع في أكثره، ضارّ في أقله، وقد عالجتُ الضار منهُ بعد العلم به: فما كان فيه من خطأ علميٍّ فقد رجعت عنهُ بالتدريج، بعد اشتغالي بعلم الحديث، ولا سيما عقيدة الجبر والتأويلات الأشعرية والصوفية والغلوّ في الزهد، وبعض العبادات المبتدعة، وأما تأثيره الوجداني في الزهد واحتقار الدنيا، والمتكالبين عليها وعلى وظائف الحكومة، فلم أستطع الاعتدال فيه، فضلًا عن التفصي منهُ" وقد تلقى العلم عن كثير من العلماء الأعلام، فمنهم العلامة الشهير الشيخ حسين الجسر: