حدوده بميزان العدالة الصحيحة التامة، ونهي عن تجاوزها، وتوعد على ذلك؛ ولهذا تجد في آيات الطلاق تكرار ذكر حدود الله، والنهي عن تعديها وعن المضارة: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}. {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا}، {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ}.
"وهو تشريع تقطعت دونه أعناق الأمم قبل الإسلام وبعده، وهأنت ذا ترى الأمم العظيمة التي تزعم لنفسها المدنية، ويزعمها لها الناس، تحاول إصلاح نظام الأسرة، وتشريع القوانين لديها للطلاق، فلا تصل إلى شيء معقول، بل تتخبط في الظلمات، وتأتي بالبلايا والمضحكات، وذلك أنها تصدر في تشريعها عن العقل الإنساني القاصر، أما التشريع الإسلامي فإنه وحي إلهي كريم، أرسل به أعظم رجل وأعقل رجل ظهر في هذا الوجود، وأمره أن يفسره للناس ويبينه لهم، ثم يحملهم على طاعته والعمل به".
"وإنما المقصود من الطلاق في هذه الشريعة النقية الواضحة الكاملة: أن بين الزوجين عقدًا - كسائر العقود - على المعايشة والمعاشرة بالمعروف، فإن هما فعلا تحقق المقصد الصحيح من الزواج وطاب عيشهما، وإن هما تباغضا وتنافرا وخافا ألا يقيما حدود الله، ورغبا في الفراق، فهما كغيرهما من كل متعاقدين: لهما أن يتفقا على الانفصال في مقابل عوض من المرأة للرجل، كما