حكم آخر أبدًا، فأنى جاءت هذه الطريقة المحدثة إلّا من التقليد ومن إخضاع أرواحنا وعقولنا إلى الأجانب؟ ! ولو تأمل المتأمل، وأنصت السامع، لما يتحدث به أكثرنا وما يكتبون، لرأى هذا الخطأ شائعًا ذائعًا، لا يكاد يتحرز منه أحد، فترى كل الناس تكتب - مثلا - اسم "تشرشل" هكذا بالتاء قبل الشين! وليس في الاسم في لغتهم هذا، إنما هي شين صرف، تثقل تثقيلًا خاصًّا هو أقرب إلى لثغة بعض ذوي العاهة من أبناء العربية إذا ما نطقوا بهذا الحرف، ولا أزال أذكر أنه كان يكتب قديمًا في الصحف دون هذه التاء المنكرة التي يبدأ بها ساكنة، وما سمعت عاميًّا ينطقه على فطرته بعد كتابته بالتاء إلَّا النطق الذي تقتضيه لغة العرب "تشرشل" بكسر التاء والشين معًا، يجعلونهما حرفين حقيقيين لا حرفًا واحدًا خارجًا على اللغة، وهكذا كثير من المثل التي نراها ونسمعها في هذه الأعلام.

وأغرب من كل هذا، أني حين أنصت للمتحدثين من الأدباء والمثقفين من أبناء العروبة المخلصين لها، أجدهم حين يتحدثون بلغة أجنبية: إنجليزية أو فرنسية، إذا جاء على لسانهم في حديثهم علم عربي نطقه الإفرنج نطقًا خاصًّا على لغتهم، نطقوه نطق الإفرنج الخلص! ونسوا القاعدة التي يتبعونها في لغتهم إذا نقلوا إليها علمًا أعجميًّا، نسوا أن ينطقوا العلم العربي كما ينطقه أهله العرب، وهم منهم، بل من خيرتهم! !

فالمسألة نفسية روحية، قبل أن تكون علمية لغوية.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015