بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله القاهر فوق عباده، بيده ملكوت السموات والأرض، لا إله إلا هو الكبير المُتعال. وصلى الله على البشير الدَّاعينا بترغيبه إلى جنته، والنذير المُبْعِدِنا بترهيبه عن ناره صلاةً تُبْلِغُنا رضاه سبحانه، وتحفُّنَا برَفْرَف رحمته يوم لا ظل إلا ظله، وتُصّفي كَدَرَ أعمالنا يومَ لا يشفع شافع إلا من بعد إذنه، وهو الغفور الرحيم، يُقيل عثرة عباده برأَفته، ويتغَّمد إساءتهم بإحسانه.
وبعد، فقد كان العلّامة المصري الشيخ أحمد محمد شاكر مُتفننًا وعالمًا مُبرَّزًا في علوم كثيرة؛ فهو إمام أهل عصره في علم الحديث، وفقيه مجتهد، ومُفسر رَكين، وعالم باللغة، وبحاثّة ثَبْت مع فكر درّاك وعلم واسع، وريادة فذّة في ميدان تحقيق التراث ونشره.
وقد انتقل إلى رحمة الله في يوم السبت 26 من ذي القعدة سنة 1377 هـ الموافق 14 من يونيه سنة 1958 م، ومضت الأيام، وصَمَتَ أصدقاؤه وتلاميذه ومحبوه فلم يخصوه بدراسة جَادّة، وظَلّ تراثه العلمي مُوزعًا في تَضاعيف المجلات والدوريات المختلفة مع نُدرته ونَفَاسته، واحتفاء العلماء بآراء الشيخ أحمد شاكر وتحقيقاته واضح كل الوضوح، ومع ذلك أطبقوا على العقوق، فلم يقضوا حق العلم والتاريخ (?).