مقدمة الرسالة للإمام الشافعي (*)

هذا كتاب (الرسالة) للشافعي. وكفى الشافعي مدحًا أنه الشافعي. وكفى (الرسالة) تقريظًا أنها تأليف الشافعي، وكفاني فخرًا أن أنشر بين الناس علم الشافعي [مع إعلاميهم نهيه عن تقليده وتقليد غيره] (?).

ولو جاز لعالم أن يقلِّد عالمًا كان أولى الناس عندي أن يقلّد الشافعي. فإني أعتقد - غير غال ولا مسرف - أن هذا الرجل لم يظهر مثله في علماء الإسلام، في فقه الكتاب والسنة، ونفوذ النظر فيهما ودقة الاستنباط، مع قوة العارضة، ونور البصيرة، والإبداع في إقامة الحجة وإفحام مناظره. فصيح اللسان، ناصع البيان، في الذروة العليا من البلاغة. تأدب بأدب البادية، وأخذ العلوم والمعارف عن أهل الحضر، حتى سما عن كل عالم قبله وبعده. نبغ في الحجاز، وكان إلى علمائه مرجع الرواية والسنة، وكانوا أساطين العلم في فقه القرآن، ولم يكن الكثير منهم أهل لسن وجدل، وكادوا يعجزون عن مناظرة أهل الرأي، فجاء هذا الشاب يناظر وينافح، ويعرف كيف يقوم بحجته، وكيف يلزم أهل الرأي وجوب اتباع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015