واعلم أن تصفّحك وجوه جلسائك، وتفقّدك مجالس قوّادك (?)، من قوّة التدبير، وشهامة القلب، وذكاء الفطنة، وانتباه السّنة، فتفقّد ذلك عارفا بمن حضرك وغاب عنك، عالما بمواضعهم من مجلسك، ثم اعد بهم عن ذلك، سائلا لهم عن أشغالهم التى منعتهم من حضور مجلسك، وعاقتهم بالتخلّف عنك إن شاء الله.

إن كان أحد من حشمك وأعوانك تثق منه بغيب ضمير، وتعرف منه لين طاعة، وتشرف منه على صحّة رأى، وتأمنه على مشورتك، فإياك والإقبال عليه فى كل حادث يرد عليك، والتوجّه نحوه بنظرك عند طوارق ذلك، وأن تريه أو أحدا من أهل مجلسك أنّ بك إليه حاجة موحشة، وأن ليس بك عنه غنى فى التدبير، أو أنك لا تقضى دونه رأيا، إشراكا منك له فى رويّتك، وإدخالا منك له فى مشورتك واضطرارا منك إلى رأيه فى الأمر يعروك (?)، فإن ذلك من دخائل العيوب التى ينتشر بها سوء القالة عن نظرائك، فانفها عن نفسك خائفا لاعتلاقها (?) ذكرك، واحجبها عن رويّتك، قاطعا أطماع أوليائك عن مثلها عندك، أو غلوبهم عليها منك

واعلم أن للمشورة موضع الخلوة وانفراد النظر، ولكل (?) أمر غاية تحيط بحدوده وتجمع معالمه، فابغها محرزا لها، ورمها طالبا لنيلها (?)، وإياك والقصور عن غايتها، أو العجز عن دركها، أو التفريط فى طلبها إن شاء الله تعالى.

إياك والإغرام (?) بكثرة السؤال عن حديث مّا أعجبك، أو أمر مّا ازدهاك، أو القطع لحديث من أرادك بحديثه حتى تنقضه عليه بالخوض فى غيره، أو المسألة عما ليس منه، فإن ذلك عند العامة منسوب إلى سوء الفهم، وقصر الأدب عن تناول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015