من تمام الإسلام، وكمال ما استوجب الله على أهله من المنن العظام، ومما جعل الله فيه- لمن أجراه على يديه، وقضى به على لسانه، ووفّقه لمن ولّاه هذا الأمر- عنده أفضل الذّخر، وعند المسلمين أحسن الأثر، فيما يؤثر بهم من منفعته، ويتسع لهم من أمنه، ويستندون إليه من عزّه، ويدخلون فيه من وزره (?)، الذى يجعل الله لهم به منعة، ويحرزهم به من كل مهلكة، ويجمعهم به من كل فرقة، ويقمع به أهل النفاق، ويعصمهم به من كل اختلاف وشقاق.

فاحمدوا الله ربّكم الرءوف بكم، الصانع لكم فى أموركم، على الذى دلّكم عليه من هذا العهد، الذى جعله لكم سكنا (?) ومعوّلا، تطمئنّون إليه وتستظلّون فى أفنانه (?) ويستنهج (?) لكم به مثنى أعناقكم، وسمت وجوهكم، وملتقى نواصيكم فى أمر دينكم ودنياكم، فإن لذلك خطرا (?) عظيما من النعمة، وإن فيه من الله بلاء حسنا فى سعة العافية، يعرفه ذوو الألباب والنّيّات، المريّئون (?) من أعمالهم فى العواقب، والعارفون منار مناهج الرّشد، فأنتم حقيقون بشكر الله فيما حفظ به دينكم وأمر جماعتكم من ذلك، جديرون بمعرفة كنه واجب حقّه فيه وحمده على الذى عزم لكم منه، فلتكن منزلة ذلك منكم، وفضيلته فى أنفسكم، على قدر حسن بلاء الله عندكم فيه، إن شاء الله ولا قوة إلا بالله.

ثم إن أمير المؤمنين لم يكن منذ استخلفه الله، بشىء من الأمور أشدّ اهتماما وعناية، منه بهذا العهد، لعلمه بمنزلته من أمر المسلمين، وما أراهم الله فيه من الأمور التى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015