فلما أتى قيس بن سعد الكتاب، لم يتمالك أن كتب إلى علىّ:
«أما بعد يا أمير المؤمنين: فقد عجبت لأمرك! أتأمرنى بقتال قوم كافّين عنك، مفرّغيك لقتال عدوك، لم يمدّوا يدا للفتنة، ولا أرصدوا لها؟ وإنك متى حاربتهم ساعدوا عليك عدوّك، فأطعنى يا أمير المؤمنين واكفف عنهم، فإن الرأى تركهم، والسلام».
فلما أتاه هذا الكتاب، قال له عبد الله بن جعفر: يا أمير المؤمنين ابعث محمد ابن أبى بكر على مصر يكفك أمرها، واعزل قيسا، فبعث علىّ محمد بن أبى بكر (?) على مصر، وعزل عنها قيسا.
(تاريخ الطبرى 5: 231، وشرح ابن أبى الحديد م 2: ص 24)
فلما قدم محمد بن أبى بكر مصر، قرأ على أهلها عهده، وفيه:
«بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد عبد الله علىّ أمير المؤمنين إلى محمد ابن أبى بكر، حين ولّاه مصر:
أمره بتقوى الله والطاعة فى السّرّ والعلانية، وخوف الله عزّ وجل فى المغيب والمشهد، وباللّين على المسلم، وبالغلظة على الفاجر، وبالعدل على أهل الذّمّة، وبالإنصاف للمظلوم، وبالشدّة على الظالم، وبالعفو عن الناس، وبالإحسان ما استطاع