آى القرآن فى مواضعها، واجتلاب الأمثال فى أماكنها، واختراع الألفاظ الجزلة، وقرض الشعر الجيد وعلم العروض، فإن تضمين المثل السائر، والبيت الغابر البارع، مما يزين كتابتك، ما لم تخاطب خليفة أو ملكا جليل القدر، فإن اجتلاب الشّعر فى كتب الخلفاء والجلّة الرؤساء، عيب واستهجان للكتب، إلا أن يكون الكاتب هو القارض للشعر والصانع له، فإن ذلك مما يزيد فى أبّهته، ويدل على براعته، وإن شدوت (?) من هذه العلوم ما لا يشغلك محلّه، وتنقّيت من هذه الفنون ما تستعين به على إطالة قلمك، وتقويم أود (?) بيانك.

بعد أن يكون الكاتب صحيح القريحة، حلو الشمائل، عذب الألفاظ، دقيق الفهم، حسن القامة، بعيدا من الفدامة (?)، خفيف الرّوح، حاذق الحسّ، محنّكا بالتجربة، عالما بحلال الكتاب والسّنّة وحرامهما، وبالملوك وسيرها وأيامها، وبالدهور فى تقلّبها وتداولها، مع براعة الأدب، وتأليف الأوصاف، ومشاكلة الاستعارة، وحسن الإشارة، وشرح المعنى بمثله من القول، حتى تنصبّ صورا منطقيّة تعرب عن أنفسها، وتدل على أعيالها، لأن الحكماء قد شرطوا فى صفات الكتّاب: اعتدال (?) القامة، وصغر الهامة (?)، وخفة اللهازم (?)، وكثافة اللّحية، وصدق الحسّ، ولطف المذهب، وحلاوة الشمائل، وخفة الإشارة، وملاحة الزّىّ، حتى قال بعض المهالبة (?) لولده: «تزيّوا بزىّ الكتّاب، فإن فيهم أدب الملوك، وتواضع السّوقة».

ومن كمال آلة الكتابة: أن يكون الكاتب بهىّ الملبس، نظيف المجلس، ظاهر المروءة، عطر الرائحة، دقيق الذهن، صادق الحس، حسن البيان، رقيق حواشى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015