يعقب مرارة الأبد، فخذ لنفسك بالثقة، ولا ترض أن يكون الحرباء الراكب العود أحزم منك، فإن الشاعر يقول:

أنّى أتيح لها حرباء تنضبة ... لا يرسل الساق إلا ممسكا ساقا (?)

واحذر أن تخرج من مالك درهما حتى ترى مكانه خيرا منه، ولا تنظر إلى كثرته، فإنّ رمل عالج (?) لو أخذ منه ولم يردّ عليه لذهب عن آخره، إن القوم قد أكثروا فى ذكر الجود وتفضيله، وفى ذكر الكرم وتشريفه، وسمّوا الشّرف جودا وجعلوه كرما، وكيف يكون كذلك وهو نتاج ما بين الضعف والنّفج (?)، وكيف والعطاء لا يكون سرفا إلا بعد مجاوزة الحق، وليس وراء الحق إلى الباطل كرم، وإذا كان الباطل كرما كان الحقّ لؤما، والسّرف- حفظك الله- معصية، وإذا كانت معصية الله كرما، كانت طاعته لؤما، ولئن جمعهما (?) اسم واحد، وشملهما حكم واحد (ومضادّة (?) الحقّ للباطل كمضادّة الصدق للكذب، والوفاء للغدر، والجور للعدل، والعلم للجهل) ليجمعنّ هذه الخصال اسم واحد، وليشملنّها حكم واحد، وقد وجدنا الله عاب السّرف، وعاب الحميّة (?)، وعاب المعصية، ووجدناه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015