فى عداد الموتى، وفى حيّز الهلكى، فرأيت أن من الخيانة لك، ومن اللؤم فى معاملتك، أن أفديك بنفس ميّتة، وأن أريك أنى قد جعلت لك أنفس ذخر، والذخر معدوم، وأنا أقول كما قال أخو ثقيف «مودة الأخ التالد وإن أخلق، خير من مودة الأخ الطارف وإن ظهرت مساعيه، وراقت جدّته» سلّمك الله، وسلّم عليك، وكان لك ومعك».

(سرح العيون ص 176)

61 - كتابه إلى بعض إخوانه فى ذم الزمان

وكتب الجاحظ إلى بعض إخوانه فى ذم الزمان:

«بسم الله الرحمن الرحيم: حفظك الله حفظ من وفقّه للقناعة، واستعمله بالطاعة، كتبت إليك وحالى حال من كثفت غمومه، وأشكلت عليه أموره، واشتبه عليه حال دهره، ومخرج أمره، وقلّ عنده من يثق بوفائه، أو يحمد مغبّة (?) إخائه، لاستحالة زماننا، وفساد أيامنا، ودولة أنذالنا: وقدما كان من قدّم الحياء على نفسه، وحكّم الصدق فى قوله، وآثر الحقّ فى أموره. ونبذ المشتبهات عليه من شئونه، تمّت له السلامة، وفاز بوفور حظّ العافية، وحمد مغبّة مكروه العاقبة، فنظرنا إذ حال عندنا حكمه، وتحوّلت دولته، فوجدنا الحياء متّصلا بالحرمان، والصدق آفة على المال، والقصد فى الطلب- بترك استعمال القحة (?)، وإخلاق العرض من طريق التوكل- دليلا على سخافة الرأى، إذ صارت الحظوة الباسقة (?)، والنعمة السابغة، فى لؤم المشبئة، وسناء (?) الرزق، من جهة محاشاة الرّخاء (?)، وملابسة معرّة العار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015