فما ظنّك بسرف الغيظ وغلبة الغضب، من طيّاش، عجول فحّاش، ومعه من الخرق بقدر قسطه من التهاب المرّة (?) الحمراء، وأنت روح كما أنت جسم، وكذلك جنسك ونوعك، إلا أن التأثر فى الرّقاق أسرع، وضدّه فى الغلاظ الجفاة أكمل، ولذلك اشتدّ جزعى عليك من سلطان الغيظ وغلبته، فإذا أردت أن تعرف مقدار الذنب إليك، من مقدار عقابك عليه، فانظر فى علّته، وفى سبب إخراجه إلى معدنه الذى منه نجم، وعشّه الذى منه درج، وإلى جهة صاحبه فى التسرع والثبات، وإلى حلمه عند التعريض، وفطنته عند التوبة، فكلّ ذنب كان سببه ضيق صدر من جهة القبض (?) فى المقادير، أو من طريق الأنفة، وغلبة طباع الحميّة من جهة الجفوة، أو من جهة استحقاقه فيما زيّن له عمله أنه مقصّر به فى حقه، مؤخّر عن رتبته، أو كان مبلّغا عنه مكذوبا عليه، أو كان ذلك جائزا فيه غير ممتنع عنه، فإذا كانت ذنوبه من هذا الشكل، فليس يقف عليها كريم، ولا ينظر فيها حليم، ولست أسمّيه بكثرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015