كانت منّته عليه من أقربيه وحشويّه (?)، فإنّ يسير ما هو معان من تأديتهم، لا ينشب أن يتجاوز أدنى المراتب إلى أقاصيها، وقريبها إلى منتاهيها، حتى يستفيض شاملا عامّا، بعد أن بدا محلّلا (?) خاصّا.
واعلموا أن أمير المؤمنين متفقّد من تثقيفكم وتقويمكم على صالح الأدب، ومحمود السّيرة، ما لا يتفقّد به من سواكم، فإنه إن كان يوحب على نفسه استصلاح الرعية، وحملهم على ما فيه رشدهم وقوامهم، لما يلزمه من فضل العناية بالأخصّ والأولى فالأولى، فإن فى إخلائكم من التقديم فى التأديب والتعهّد وجوها من الضرر، منها:
أنكم أولى بحسن الطاعة وسرعة الإجابة، للطف محلّكم، وقرب مكانكم عند أمير المؤمنين. ومنها: أنكم يأنس بكم المؤتمّون، ويقتدى بكم التابعون، فمتى قصّرتم وأخللتم، اقتفى أثركم من نصبتم له أعلاما، ثم لم يكن لكم أن تزروا (?) عليه، ولا أن تأخذوا فوق يده، بل كان قمينا (?) أن يكون يسومكم الرّضا بمثل ما سمتموه، ثم تجرى هذه العادة فى الطّبقات، حتى يطّرد السّياق، إلى أن يستفيض الفساد فى حشو الناس وعامّتهم، فلا تغنى قوة ولا حزم ولا شدّة إلا العجز والإضاعة، ثم يجد الأعداء مساغا إلى الطعن والعيب، فلا يملكون أن يرهقوكم (?)، ويستولى عليكم الفشل، فإن الأيدى إنما تبسط بنفاذ العزائم، والعزائم إنما تنفذ بثبات الحجّة، والحجة إنما تثبت إذا كانت عن الحق، وإذا أضيع أوّل هذه الرسوم التى رسم لكم أمير المؤمنين