«أما بعد، فإن أمير المؤمنين بمنّ الله ونعمته عليه وحسن بدئه وبلائه (?) عنده، لم يزل مذ حمّله رعاية هذه الأمة، وقلّده حريمهم (?)، يفعل كذا.
وقد كان من حادث نعمة الله على هذه الأمة فى حينه هذا وزمانه، أن أخرج لهم من ذرّية أمير المؤمنين ذريّة مباركة طيّبة، حذاهم على مثاله، وحلّاهم بحليته، وجعل فيهم ولىّ عهده، فلمّ بهم أمورهم، وسدّ بهم ثغورهم، ثم أحدث نعمه عليهم ما ألّف بين قلوبهم، وأفشى ذكره فى خاصّتهم وعامتهم، وسمت نحوه أبصارهم، من البيعة لهرون ابن أمير المؤمنين، وما أمّلوا فى ذلك ورجوا. من ألفتهم فى دينهم، والبلوغ لأفضل أملهم، ولم يكن الله ليختار للقيام بأمر هذه الأمة، والذّبّ عن دينها إلا من بيت نبيّه صلى الله عليه وسلم وخيرته وصفوته مضطلعا (?) فى رأيه، كاملا فى فضله، سائسا قويّا على طاعته، ولو أن الرعية عدلت بأبصارها عنه، أو قصدت بأهوائها دونه لمحقها الله، [إذ أفاض عليها ببركته ويمنه، من الخير والصلاح (?)] ما أصبحت تتقلّب فيه من نعمته، وتتسربله من كرامته، كما قد عرّفهم وأراهم من حسن ثوابه على صدق نياتهم فيه، وعظيم رجائهم له، وقد أتتنا بيعة هرون على حين ظمأ إليها، وتطلّع نحوها، فتبادرتها أكفّنا، وأسرع إليها شاهدنا وغائبنا، وبايعنا بيعة رضوان من الله، بصحّة من نيّاتنا، وسلامة من صدورنا، مستبشرين ببيعتنا، راغبين فيما صفقت (?) عليه أيماننا، عارفين بأنها مفتح نعمة، ومقدّمة فضيلة، ودرجة