للناس من بركة الأمير ويمنه وعلامات صفته، ما لم يصبح أحد يحتاج فيه إلى خبر مخبر، ولا صفة واصف، والله محمود، نسأل الله الذى بلّغ الأمير فى نفسه وعلى ألسن الناس ما بلّغ، أن يتمّمه له بأحسن ما تمّمه لأحد قطّ فى طول البقاء لأمير المؤمنين، أطال الله بقاءه، وأتمّ النعمة عليه فيه».
(اختيار المنظوم والمنثور 13: 383)
وروى الطبرىّ أنه لما مات أبو جعفر المنصور (سنة 158 هـ) خرج الربيع (?) ابن يونس، وفى يده قرطاس، فألقى أسفله على الأرض، وتناول طرفه ثم قرأ:
«بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله المنصور أمير المؤمنين إلى من خلف بعده، من بنى هاشم، وشيعته من أهل خراسان، وعامة المسلمين» ثم ألقى القرطاس من يده وبكى وبكى الناس، فأخذ القرطاس وقال: قد أمكنكم البكاء، ولكن هذا عهد عهده أمير المؤمنين، لابدّ من أن نقرأه عليكم، فأنصتوا، رحمكم الله، فسكت الناس ثم رجع إلى القراءة. «أما بعد: فإنى كتبت كتابى هذا، وأنا حىّ فى آخر يوم من الدنيا، وأول يوم من الآخرة، وأنا أقرأ عليكم السلام، وأسأل الله ألّا يفتنكم بعدى، ولا يلبسكم (?) شيعا، ولا يذيق بعضكم بأس بعض، يا بنى هاشم ويا أهل خراسان».