سكن غضبه، ثم قال: يا أمير المؤمنين إن محمدا إنما قتل هذا الرجل على الزندقة، فإن كان قتله صوابا فهو لك، وإن كان خطأ فهو على محمد، فأمر أبو جعفر بالكتب فمزقت وأقرّ على عمله- وكان ذلك سنة 155 هـ. (تاريخ الطبرى 9: 287)
قال ابن طيفور:
ومن الرسائل المفردات رسالة غسّان (?) بن عبد الحميد المدائنى كاتب جعفر بن سليمان فى العتاب:
«أما بعد: فإن الله جعل العباد أطوارا فى أخلاقهم، كما جعلهم أطوارا فى صورهم، وجعل بينهم أمورا يتآلفون عليها، ويعملون أحلامهم (?) فيها من حرم يتجاملون بها، وحقوق يتنازعونها، ومودّة يتعاطونها، وأخوّة يتداولونها، ترعى بوفاء، وتؤدّى بأمانة، وتضيّع بتقصير، وتنتقص بخيانة، ليس من أدّيت إليه فيما يحفظ منها بأسعد من المؤدّى لها فيما يأخذ به من الفضل لنفسه، وليس من ضيّعت منه بأشقى ممن ضيّعها فيما يدخل من التقصير عليه، فإنه من أخطأه الوفاء من أخيه، فإنما يدخل عليه تقصير غيره، ومن ضيّع الوفاء لإخوانه فقد أدخل النقص فى خاصّة نفسه، والمرء يجد من أخيه إذا خانه بدلا، ولا يجد عن نفسه إذا قصّرت به متحوّلا، فليس نقص يستبدل به كنقص لا يستطيع مزايلته، وقد ألبس الله عبادا من عباده نعما، وجعل لهم فى صلاح الأمور قسما، فكان ذلك عندهم ذريعة يرعونها، لما ألحق عليهم فيها مما يكون صلاحا وتماما لها، لئلا يعملوا بانتقاص لأمر بلّغهم الله إياه، ولا