المؤمنين، فإن مع الطمع الجدّ، ومع اليأس القعود، وقلما ضعف الرّجاء إلّا ذهب الرّخاء، وطلب المؤيس عجز، وطلب الطامع حزم، ولم ندرك الناس نحن وآباؤنا إلّا وهم يرون فيها خلالا تقطع الرأى، وتمسك بالأفواه: من حال وال لم يهمّه الإصلاح، أو أهمّه ذلك، ولم يثق فيه بفضل رأى، أو كان ذا رأى ليس مع رأيه صول بصرامة أو حزم، أو كان ذلك استئثارا منه على الناس بنشب (?)، أو قلة تقدّم لما يجمع أو يقسم، أو حال أعوان تبتلى بهم الولاة ليسوا على الخير بأعوان، وليس لهم إلى اقتلاعهم سبيل، لمكانهم من الأمر، ومخافة الدّول (?) والفساد إن هو هاجهم أو انتقص ما فى أيديهم، أو حال رعيّة متّزرة (?)، ليس لها من أمرها النّصف فى نفسها، فإن أخذت بالشدة حميت، وإن أخذت باللين طغت، وكل هذه الخلائق قد طهّر الله منها أمير المؤمنين، فآتاه الله ما آتاه فى نيّته ومقدرته وعزمه، ثم لم يزل يرى ذلك منه الناس، حتى عرفه منه جهّالهم، فضلا عن علمائهم، وصنع الله لأمير المؤمنين ألطف الصّنع فى اقتلاع من كان يشركه فى أمره على غير طريقته ورأيه، حتى أراحه الله وآمنه منهم، بما جعلوا من الحجّة والسبيل على أنفسهم (?)، وما قوّى الله عليه أمير المؤمنين فى رأيه واتباعه مرضاته، وأذلّ الله لأمير المؤمنين رعيّته، بما جمع له من اللين والعفو، فإن لان لأحد منهم ففى الإثخان (?) له شهيد على أن ذلك ليس بضعف ولا مصانعة، وإن اشتدّ على أحد منهم ففى العفو شهيد على أن ذلك ليس بعنف ولا خرق، مع أمور سوى ذلك نكفّ عن ذكرها كراهة أن نكون كأنّا نصبنا للمدح، فما أخلق هذه الأشياء أن تكون عتادا (?) لكل جسيم من الخير فى الدنيا والآخرة، واليوم والغد، والخاصة والعامّة، وما أرجانا لأن يكون أمير المؤمنين