لأنفسكم، فلا تخالفوا أمري، ولا تردوا علي رأيي، غفر الله لي ولكم، وأرشدني وإياكم لما فيه محبته ورضاه إن شاء الله" ثم نزل.
فنظر الناس بعضهم إلى بعض، وقالوا: ما ترونه يريد بما قال؟ قالوا: نظنه يريد أن يصالح معاوية ويكل الأمر إليه، كفر والله الرجل، ثم شدوا على فسطاطه فانتهبوه، حتى أخذوا مصلاه من تحته، وشد عليه بعضهم، فنزع مطرفه1 عن عاتقه، فبقي جالسًا متقلدًا سيفًا بغير رداء، فدعا بفرسه فركبه، وأحدق به طوائف من خاصته وشيعته، ومنعوا منه من أراده، ولاموه وضعّفوا لما تكلم.
فلما مر في مظلم2 ساباط، قام إليه رجل من بني أسد يقال له: جراح بن سنان، وبيده معول3، فأخذ بلجام فرسه وقال: الله أكبر يا حسن! أشرك أبوك، ثم أشركت أنت! وطعنه بالمعول، فوقعت في فخذه فشقته، حتى بلغت أَرْبِيَّتَهُ4، وسقط الحسن إلى الأرض بعد أن ضرب الذي طعنه بسيف كان بيده واعتنقه فخرَّا جميعًا إلى الأرض.
"شرح ابن أبي الحديد م4: ص14"