وذكروا أن ملكة كانت بسبأ1؛ فأتاها قوم يخطبونها؛ فقالت: ليصف كل رجل منكم نفسه، وليصدق وليوجز، لأتقدم إن تقدم، أو أدع إن تركت، على علم؛ فتلكم رجل منهم يقال له مدرك؛ فقال: "إن أبي كان في العز الباذخ2، والحسب الشامخ، وأنا شرس الخليفة، وغير رعديد3 عند الحقيقة" قالت: لاعتاب على الجندل فأرسلتها مثلًا4، ثم تكلم آخر منهم ويقال له ضبيس بن شرس؛ فقال: "أنا في مال أثيث5، وخلق غير خبيث، وحسب غير عثيث6، أخذو النعل بالنعل، وأجزى القرض7 بالقرض" فقالت: لا يسرك غائبًا من لا يسرك شاهدًا، فأرسلتها مثلًا. ثم تكلم آخر منهم، يقال له شماس بن عباس فقال: "أنا شماس بن عباس، معروف بالندى والباس، حسن الخلق في سجية، والعدل في قضية، مالي غير محظور على القل والكثر، وبابي غير محجوب على العسر اليسر، قالت: الخير متبع والشر محذور؛ فأرسلتها مثلًا. ثم قالت: اسمع يا مدرك، وأنت يا ضبيس، لن يستقيم معكما معاشرة لعشير حتى يكون فيكما لين عريكة8، وأما أنت يا شماس؛ فقد حللت مني محل الأهزع9 من الكنانة، والواسطة10من القلادة، لدماثة11 خلقك، وكرم طباعك، ثم اسع بجد أودع، فأرسلتها مثلًا، وتزوجت شماسًا.
"مجمع الأمثال 2: 118".