وجاء في أمالي السيد المرتضي:

روى أن بعض خلفاء بني العباس -وأظنه الرشيد- صعد المنبر ليخطب، فسقطت على وجهه ذبابة، فطردها، فرجعت، فحَصِرَ وأُرْتِجَ عليه، فقال: أعوذ بالله السميع العليم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ 1 مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} ثم نزل، فاستُحْسِن ذلك منه.

وروى أن رجلا صعد المنبر أيام يزيد بن معاوية، وكان واليًا على قوم فقال لهم: "أيها الناس: إني إن لم أكن فارسًا طَبًّا2 بهذا القرآن، فإن معي من أشعار العرب ما أرجو أن يكون خَلَفًا منه، وما أساء القائل أخو البَرَاجم حيث قال:

وما عاجِلَات الطير يُدْنِينَ للفتى ... رشادا، ولا من رَيْثِهِنَّ يَخِيبُ3

ورب أمور لا تَضِيرك ضَيْرَة ... وللقلب من مَخْشَاتِهِنّ وَجِيب4

ولا خير فيمن لا يُوَطِّنُ نفسه ... على نائبات الدهر حين تَنُوب

وفي الشكِّ تفريط وفي الحَزْمِ قُوَّةٌ ... ويُخْطِي الفتى في حَدْسِهِ ويُصِيبُ5

فقال رجل من كلب: إن هذا المنبر لم يُنْصَب للشعر، بل ليُحْمَد الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015