حصر فقال: "نكِّسُوا رءوسكم، وغُضُّوا أبصاركم، فإن المنبر مَرْكَبٌ صعب، وإذا يَسَّرَ الله فَتْحَ قُفْلٍ تَيَسَّر".

وكان عبد ربه اليَشْكُرِي عاملا لعيسى بن موسى1 على المدائن، فصعد المنبر، فحمد الله وأرتج عليه، فسكت ثم قال: "والله إني لأكون في بيتي فتجيء على لساني ألف كلمة، فإذا قمت على أعوادكم هذه جاء الشيطان فمَحَاها من صدري، ولقد كنتُ وما في الأيام يوم أحَبُّ إليَّ من يوم الجمعة، فصرتُ وما في الأيام يومٌ أبغض إليَّ من يوم الجمعة، وما ذلك إلا لخطبتكم هذه".

وأرتج على مَعْن بن زائدة فضرب المنبر برجله، ثم قال: "فتى حُرُوب، لا فَتَى منابر".

وحدث عيسى بن عمر قال:

خطب أمير مرةً فانقطع فخَجِل، فبعث إلى قوم من القبائل عابُوا ذلك ولَفَّهم2، وفيهم يَرْبُوعِيٌّ جَلْد، فقال: اخْطُبوا، فقام واحد فمرَّ في الخطبة، حتى إذا بلغ "أما بعد" قال: أما بعد، أما بعد، ولم يدرِ ما يقول، ثم قال: فإن امرأتي طالقٌ ثلاثا لم أُرِدْ أن أُجَمِّع3 اليوم فمنعتني، وخطب آخر، فلما بلغ "أما بعد" بقِي ونظر فإذا إنسان ينظر إليه، فقال: لعنك الله! ترى ما أنا فيه، وتلمحُني ببصرك أيضًا! وقال أحدهم: رأيت القَرَاقِرَ4 من السفن تجري بيني وبين الناس، وصعد اليَرْبُوعِيُّ فخطب فقال: "أما بعد" فوالله ما أدري ما أقول، ولا فيم أقمتموني، أقول ماذا؟ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015