وخطب داود بن علي، فحمد الله جل وعز، وأثنى عليه، صلى الله عليه وسلم، فلما قال: أما بعد، وامتنع عليه الكلام، ثم قال:
"أما بعد، فقد يجد المعسر، ويعسر الموسر، ويفل الحديد، ويقطع الكليل، وإنما الكلام بعد الإفحام، كالإشراق بعد الإظلام، وقد يغزب البيان، ويعقم الصواب، وإنما اللسان، مضغة من الإنسان، يفتر بفتوره إذا نكل، ويثوب بانبساطه إذا ارتجل، ونحن بعد أمراء القول لا ننطق بطرًا، ولا نسكت حصرًا، بل نسكت معتبرين، وننطق مرشدين، ونحن بعد أمراء القول، فينا وشجت1 أعراقه، وعلينا عطفت أغصانه ولنا تهدلت ثمرته، فنتخير منه ما احلولى وعذب، ونطرح منه ما املولح وخبث، ومن بعد مقامنا هذا مقام، وبعد أيامنا أيام، ويعرف فيها فضل البيان، وفصل الخطاب والله أفضل مستعان" ثم نزل2.
"كتاب الصناعتين ص21، وأمالي السيد المرتضى 4: 19، وزهر الآداب 2: 285".