ولا بطرًا، ولا عبثًا، ولا لهوًا، ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيه، ولا لثأر قديم نيل منا؛ ولكنا لما رأينا مصابيح الحق قد أطفئت، ومعالم العدل قد عطلت، وكثر الادعاء في الدين وعمل بالهوى، وعنف القائل بالحق، وقتل القائم بالقسط، ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وسمعنا داعيا1 يدعو إلى طاعة الرحمن، وحكم القرآن؛ فأجبنا داعي الله ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز2 في الأرض؛ فأقبلنا من قبائل شتى، النفر3 منا على بعير واحد، عليه زادهم وأنفسهم، يتعاورون لحافًا واحدًا، قليلون مستضعفون في الأرض، فآوانا الله وأيدنا بنصره، وأصبحنا والله جميعًا بنعمته إخوانًا، وعلى الدين أعوانًا، ثم لقيَنَا رجالُكم بقُدَيْد فدعوناهم إلى طاعة الرحمن، وحكم القرآن، ودعونا إلى طاعة الشيطان، وحكم مروان وآل مروان؛ فشتان لعمر الله ما بين الغي والرشد! ثم أقبلوا يهرعون ويزفون4، قد ضرب الشيطان بجرانه5، وغلت بدمائهم مراجله، وصدق عليهم إبليس ظنه، وأقبل أنصار الله عصائب وكتائب، بكل مهند ذي رونق، فدارت رحالنا واستدارت رحاهم بضرب يرتاب منه المبطلون.

وأنتم يا أهل المدينة إن تنصروا مروان وآل مروان يسحتكم6 الله بعذاب من عنده أو بأيدينا، ويشف صدور قوم مؤمنين، يا أهل المدينة إن أولكم خير أول، وآخركم شر آخر، يا أهل المدينة: الناس منا ونحن منهم؛ إلا مشركًا عابد وثن، أو كافرًا من أهل الكتاب، أو إمامًا جائرًا أو شادًا على عضده، يا أهل المدينة: من زعم أن الله تعالى كلف نفسًا فوق طاقها، أو سألها ما لم يؤتها، فهو لله عدو ولنا حرب7".

"تاريخ الطبري 9: 108"، الأغاني 20: 104،وشرح ابن أبي الحديد م1 ص458، والعقد الفريد 2: 161"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015