كان حجر بن الحارث "أبو امرئ القيس" ملك بني أسد، وكان له عليهم إتاوة1 كل سنة لما يحتاج إليه؛ فبقي كذلك دهرًا، ثم بعث إليهم من يجبي ذلك منهم، وحجر يومئذ بتهامة؛ فطردوا رسله وضربوهم؛ فبلغ ذلك حجرًا، فسار إليهم، فأخذ سرواتهم2 وخيارهم، وجعل يقلتهم بالعصا "فسموا عبيد العصا" وأباح الأموال وصيرهم إلى تهامة، وحبس جماعة من أشرفهم منهم عبيد بن الأبرص الشاعر؛ فقال شعرًا يستعطفه فيه، ومنه قوله
أنت المليك عليهم ... وهم العبيد إلى القيامه
فرق لهم وعفا عنهم، وردهم إلى بلادهم؛ فلما صاروا على مسيرة يوم من تهامة تكهن كاهنهم وهو عوف بن ربيعة بن عامر الأسدي؛ فقال لهم: يا عبادي، قالوا: لبيك ربنا؛ فقال: "من الملك الصلهب3، الغلاب غير المغلب4، في الإبل كأنها الربرب5، لا يقلق رأسه الصخب، هذا دمه ينثعب6، وهو غدًا أول من يستلب" قالوا: ومن هو؟ ربنا. قال: "لولا تجيش7 نفس جاشية، لأخبرتكم أنه حجر ضاحية8".