وعمل مسندا كبيرا قرأ أكثره على الناس، ولم ير الناس ببغداد أحسن من مجلسه لما حدث، وذلك أن العلماء وأصحاب الحديث كانو يتجملون بحضور مجلسه، حتى أنه كان يجلس للحديث وعن يمينه أبو القاسم بن منيع - وهو قريب من أبيه في السن والإسناد - وابن صاعد على يساره، وأبو بكر النيسابوري بين يديه، وسائر الحفاظ حول سريره. وقال القاضي عياض: وكان يتناظر بين يديه أئمة المذهب. وقال طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد: من تصفح أخبار الناس لم يخف عليه موضعه، وإذا بالغنا في وصفه كنا إلى التقصير فيما نذكره من ذلك أقرب، ومن سعادة جده أن المثل ضرب بعقله وحلمه. وقال أبو إسحاق الشّيرازي: وكان حاجب إسماعيل ثم ولي القضاء بعده ثم ولي ابنه أبو الحسين وكان يقال: إسماعيل بحاجبه وأبو الحسين بأبيه وأبو عمر بنفسه، فكان المدح في الجميع راجعا إلى أبي عمر. وقال أبو الوليد الباجي: كان ثقة. وقال أبو إسحاق إبراهيم بن جابر الفقيه الذي تقلد بعد ذلك القضاء: لما ولي أبو عمر محمد بن يوسف القضاء طمعنا في أن نتتبعه بالخطأ لما كنا نعلم من قلة فقهه، فكنا نستفتى فنقول: امضوا إلى القاضي، ونراعي ما يحكم به، فيدافع عن الأحكام مدافعة أحسن من فصل الحكم على واجبه وألطف، ثم تجيئنا الفتاوى في تلك القصص فنخاف أن نخرج إن لم نفت، فنفتي، فتعود الفتاوى إليه فيحكم فيما يفتي به الفقهاء، فما عثرنا عليه بخطأ. قال القاضي عياض معلقا على كلام ابن جابر الفقيه: ولم أسمع من وصفه بهذا الوصف سوى صاحب هذه الحكاية، ولعله كان في مبتدأ أمره.
وللصولي كتاب في وصف أبي عمر ووصف ابنه عمر (?).