العلماء الأثبات، وممن عني بالفقه وسماع الحديث دهره، وقيده فأتقنه، وكتب بخطه علما كثيرا، وكان حسن الخط، جيد التقييد، وله تقدم في المعرفة بالأحكام، وعقد الشروط وعللها، بذّ في ذلك أقرانه، وكان على سنن أهل الفضل، جزل الرأي، حصيف العقل، على منهاج السلف المتقدم. وقال القاضي أبو الأصبغ عيسى بن سهل: كان إماما جليلا، متصرفا في كل باب من أبواب العلم، أحد الفقهاء بالأندلس، حافظا نظارا، مستنبطا، بصيرا بالأحكام والعقود، معه كان أكثر تفقهي، وصحبته طويلا، ورويت عنه كثيرا، وأجاز لي جميع ما رواه. وقال ابن بشكوال أيضا: من أهل قرطبة وكبير المفتين بها. . . وكان فقيها عالما، عاملا، ورعا عاقلا، بصيرا بالحديث وطرقه، وعالما بالوثائق وعللها، مدققا لمعانيها، لا يجارى فيها، كتبها مدة حياته فلم يأخذ عليها من أحد أجرا، وكان يحكى أنه لم يكتبها حتى قرأ فيها أزيد من أربعين مؤلفا، متفننا في فنون العلم، حافظا للأخبار والأمثال والأشعار كثيرا في كلامه، صليبا في الحق مؤيّدا له. . . منقبضا عن السلطان وأسبابه. . . متواضعا. . . كان شيخ أهل الشورى في زمانه، وعليه كان مدار الفتوى في وقته. وقال أيضا: نقلت معظم ما تقدم من مناقب هذا الشيخ بخط ابنه أبي القاسم.
ولد لسبع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين وثلاث مئة.
وتوفي لعشر بقين من صفر سنة اثنتين وستين وأربع مئة.
[الطبقة العاشرة: الأندلس]