حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَرَجِّلُ) : بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ ; أَيْ أُسَرِّحُ وَأُحَسِّنُ. (رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ) : أَيْ شَعْرَ رَأْسِهِ. (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ بُطْلَانِ الْوُضُوءِ بِلَمْسِ الْمَرْأَةِ، وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ التَّوَضُّؤِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَبِاحْتِمَالِ مَسِّ الشَّعْرِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ مَسِّ الْبَشَرَةِ. (وَأَنَا حَائِضٌ) : الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ مُفِيدَةٌ، جَوَازَ مُخَالَطَةِ الْحَائِضِ، قَالَ مِيرَكُ: كَذَا عِنْدَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَاهُ أَبُو حُذَيْفَةَ عَنْهُ، عَنْ هِشَامٍ بِلَفْظِ أَنَّهَا: كَانَتْ تَغْسِلُ رَأْسَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ وَهِيَ حَائِضٌ، يُخْرِجُهُ إِلَيْهَا، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ. وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى طَهَارَةِ بَدَنِ الْحَائِضِ وَعَرَقِهَا، وَأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ الْمَمْنُوعَةَ لِلْمُعْتَكِفِ هِيَ الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ، وَأَنَّ الْحَائِضَ لَا تَدْخُلُ الْمَسْجِدَ، كَذَا قَالُوا، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: فِيهِ
حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُطْلَقًا تَنْقُضُ الْوُضُوءَ. قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: لَا حُجَّةَ فِيهِ ; لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْوُضُوءُ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَقَّبَ ذَلِكَ الْفِعْلَ بِالصَّلَاةِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ فَمَسُّ الشَّعْرِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ. قَالَ الْحَنَفِيُّ: وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ تَكْرَارًا إِلَّا أَنَّ بَدَلَ: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ. وَكِلَاهُمَا مُسْتَقِيمٌ ; لِأَنَّ مَالِكًا أَخَذَ الْعِلْمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ، وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ. وَأَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ عُرْوَةَ، كَذَا يُفْهَمُ مِنْ جَامِعِ الْأُصُولِ، فَارْجِعْ إِلَيْهِ، أَقُولُ: بِمُجَرَّدِ صِحَّةِ رِوَايَةٍ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ هُنَا سَنَدٌ آخَرُ عَنْهُ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ خَطَأٌ مِنَ النَّاسِخِ صَحَّفَ هِشَامًا بِشِهَابٍ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بَعْضُ النُّسَّاخِ فَتُوِهِّمَ أَنَّهُمَا سَنَدَانِ، وَيَدُلُّ عَلَى بُطْلَانِ تَعَدُّدِ السَّنَدِ هُنَا عَدَمُ ذِكْرِهِ الشُّرَّاحُ خُصُوصًا السَّيِّدُ السَّنَدُ مِيرَكُ شَاهِ الْمُتَكَلِّمُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِتَحْقِيقِ الْإِسْنَادِ وَعَلَى أَصْلِهِ فِي نُسْخَةِ الِاعْتِمَادِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ خَمْسَةٌ وَهَذِهِ فَائِدَةُ التَّعْدَادِ.
(حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى) : أَخْرَجَ حَدِيثَهُ السِّتَّةُ غَيْرُ ابْنِ مَاجَهْ. (أَخْبَرَنَا وَكِيعٌ) : عَلَى وَزْنِ بَدِيعٍ. (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) : بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ. (بْنُ صَبِيحٍ) : بِفَتْحِ مُهْمَلَةٍ وَكَسْرِ مُوَحَّدَةٍ، هُوَ السَّعْدِيُّ الْبَصْرِيُّ، صَدُوقٌ، سَيِّئُ الْحِفْظِ، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الْبُخَارِيُّ - فِي تَارِيخِهِ - وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. (عَنْ يَزِيدَ) : مُضَارِعُ الزِّيَادَةِ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ضَعَّفُوهُ، فَالْحَدِيثُ مَعْلُولٌ، انْتَهَى. وَفِيهِ أَنَّ التَّفْرِيعَ غَيْرُ صَحِيحٍ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنَ التَّضْعِيفِ كَوْنُهُ مُعَلَّلًا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي الْأُصُولِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَلِذَا أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ لَهُ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ مَاجَهْ، وَسَيَأْتِي عَلَيْهِ كَلَامٌ مَبْسُوطٌ. (بْنِ أَبَانَ) : بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُخَفَّفَةٍ، وَهُوَ مُنْصَرِفٌ إِذَا كَانَ عَلَى وَزْنِ فَعَالٍ، وَمُمْتَنِعٌ إِذَا كَانَ عَلَى وَزْنِ أَفْعَلَ كَذَا فِي الشَّرْحِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّرْفُ أَظْهَرُ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْقَامُوسِ مِنْ أَنَّ أَبَانَ كَسَحَابٍ مَصْرُوفٌ، ابْنُ عَمْرٍو وَابْنُ سَعِيدٍ صَحَابِيَّانِ وَمُحَدِّثَانِ، وَيُقَوِّيهِ مَا قَالَ الْعِصَامُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَفْعَلَ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَلُّ أَفْعَلُ الْأَجْوَفُ أَيْ لِلتَّفْضِيلِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالنُّونِ مُشَدَّدًا أَوْ بِفَتْحِهَا مُخَفَّفًا ; فَالْأَوَّلُ خَطَأٌ