الضَّمِيرِ مِنْ مَزَالِّ الْأَقْدَامِ، ثُمَّ نَصْبُهُ عَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِهِ. (خِيلَانٌ) : وَالْجُمْلَةُ حَالٌ أُخْرَى أَوْ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِلْخَاتَمِ، وَهِيَ بِكَسْرِ مُعْجَمَةٍ فَسُكُونِ تَحْتِيَّةٍ جَمْعُ الْخَالِ، وَهُوَ الشَّامَةُ فِي الْجَسَدِ. (كَأَنَّهَا) : أَيِ الْخِيلَانُ. (ثَآلِيلُ) : بِمُثَلَّثَةٍ هَمْزَةٌ مَمْدُودَةٌ عَلَى زِنَةِ قَنَادِيلَ وَهُوَ جَمْعُ ثُؤْلُولٍ وَهِيَ الْحَبَّةُ الَّتِي تَظْهَرُ فِي الْجِلْدِ مِثْلَ الْحُمُّصَةِ فَمَا دُونَهَا، يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ: زُخْ بِضَمِّ زَايٍ وَسُكُونِ مُعْجَمَةٍ. (فَرَجَعْتُ) : أَيْ مِنْ خَلْفِهِ دَائِرًا. (حَتَّى اسْتَقْبَلْتُهُ) : أَيْ وَقَفْتُ أَوْ قَعَدْتُ مُسْتَقْبِلًا لَهُ. (فَقُلْتُ) : شُكْرًا لِإِلْقَائِهِ الرِّدَاءَ حَتَّى رَأَيْتُ الْخَاتَمَ. (غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ) : خَبَرٌ مُطَابِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) ، أَوْ إِنْشَاءٌ أُرِيدَ بِهِ زِيَادَةُ الْمَغْفِرَةِ أَوْ إِثْبَاتُهَا لَهُ أَوِ الْمَغْفِرَةُ لِأُمَّتِهِ الْمَرْحُومَةِ. (فَقَالَ وَلَكَ) : أَيْ وَغَفَرَ اللَّهُ لَكَ بِالْخُصُوصِ أَيْضًا حَيْثُ اسْتَغْفَرْتَ لِي أَوْ سَعَيْتَ لِرُؤْيَةِ خَاتَمِي أَوْ آمَنْتَ بِي وَانْقَدْتَ لِي، وَقِيلَ: هَذَا مِنْ مُقَابَلَةِ الْإِحْسَانِ بِالْإِحْسَانِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ دُعَاءَهُ أَفْضَلُ مِنْ دُعَائِهِ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ دُونَهُ صُورَةً فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا) . (فَقَالَ الْقَوْمُ) : أَيِ الَّذِي يُحَدِّثُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ، وَقَائِلُ هَذَا الْكَلَامِ هُوَ عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ
أَوِ الْمُرَادُ أَصْحَابُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَائِلُ هَذَا الْقَوْلِ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادِرُ، وَقَوْلُهُ: (اسْتَغْفَرَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : قِيلَ: خَبَرٌ أَوِ اسْتِفْهَامٌ بِحَذْفِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْهَمْزَةُ مَفْتُوحَةً فَيَتَعَيَّنُ الِاسْتِفْهَامُ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: اسْتِفْهَامٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: هُوَ أَوِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (فَقَالَ: نَعَمْ، وَلَكُمْ) : إِذْ لَوْ كَانَ خَبَرًا لَخَلَا قَوْلُهُ «نَعَمْ» عَنِ الْفَائِدَةِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ تَبَعًا لِلْحَنَفِيِّ: إِنْ كَانَ الضَّمِيرُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَفِيهِ الْتِفَاتٌ إِذْ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ. فَقُلْتُ: ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: قِيلَ: لَوْ أُرِيدَ بِالْقَوْمِ تَلَامِذَةَ ابْنِ سَرْجِسَ لَمْ يَحْتَجْ لِدَعْوَى الِالْتِفَاتِ، انْتَهَى. وَهُوَ غَفْلَةٌ عَنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ الصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمُ الصَّحَابَةُ، تَمَّ كَلَامُهُ. وَقَوْلُهُ الصَّرِيحُ غَيْرُ صَرِيحٍ وَمَعَ أَنَّهُ غَفْلَةٌ عَنْ سَائِرِ طُرُقِ الْحَدِيثِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِيرَكُ أَنَّهُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ قَالُوا: قَدِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِي أُخْرَى لَهُ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: هَلِ اسْتَغْفَرَ لَكَ؟ وَعُيِّنَ الْقَائِلُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ سَمُرَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَعَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ كُلُّهُمْ عَنْ عَاصِمٍ بِلَفْظِ «قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: اسْتَغْفَرَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟» . فَتَبَيَّنَ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ قَائِلَ «فَقَالَ الْقَوْمُ» هُوَ عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ الرَّاوِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. وَالْمُرَادُ بِالْقَوْمِ حُضَّارُ مَجْلِسِ نَقْلِ عَبْدِ اللَّهِ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ إِلَى عَاصِمٍ، فَإِسْنَادُ الْقَوْلِ إِلَى الْقَوْمِ أَيْ إِلَى جَمِيعِهِمْ فِي رِوَايَةِ الْبَابِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ، يَعْنِي كَقَوْلِهِ: (فَعَقَرُوا النَّاقَةَ) ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَوْمَ أَيْضًا سَأَلُوهُ كَمَا سَأَلَ عَاصِمٌ فَتَارَةً نَسَبَ السُّؤَالَ إِلَيْهِمْ حَقِيقَةً وَتَارَةً إِلَى نَفْسِهِ، وَرُبَّمَا أَبْهَمَ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ دَأْبُ الرُّوَاةِ، قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ وَالِاسْتِخْبَارِ تَثْبِيتُ رُؤْيَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصُحْبَتِهِ مَعَهُ. وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَالطَّبَرَانِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَلْتُ مَعَهُ خُبْزًا وَلَحْمًا أَوْ قَالَ ثَرِيدًا. وَلِلطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظِ قَالَ: أَتَرَوْنَ هَذَا الشَّيْخَ - يَعْنِي نَفْسَهُ - كَلَّمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَلْتُ مَعَهُ. مَعَ أَنَّ عَاصِمًا سَمِعَ هَذَا الْكَلَامِ مِنَ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَاسْتَثْبَتَ مِنْهُ وَسَأَلَهُ عَنِ اسْتِغْفَارِهِ إِيَّاهُ، فَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ أَنْكَرَ صُحْبَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِيعَابِ عَنْ عَاصِمٍ أَنَّهُ قَالَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَرْجِسَ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ صُحْبَةٌ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذِكْرِهِ فِي الصَّحَابَةِ، وَيَقُولُونَ لَهُ صُحْبَةٌ عَلَى مَذْهَبِهِمْ فِي اللِّقَاءِ وَالرُّؤْيَةِ وَالسَّمَاعِ، وَأَمَّا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ فَأَحْسَبُ أَنَّهُ أَرَادَ الصُّحْبَةَ الَّتِي يَذْهَبُ إِلَيْهَا الْعُلَمَاءُ أُولَئِكَ قَلِيلًا، انْتَهَى. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ عَاصِمًا أَنْكَرَ أَوَّلًا صُحْبَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ مِنْهُ وَلِهَذَا لَمَّا سَمِعَهَا مِنْهُ اسْتَفْهَمَ عَنْهُ مُتَعَجِّبًا عَنْ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ