الثَّمَرَةُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ الْمَعْنَيَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُمَا عَلَى مَا لَا يَخْفَى، وَالنَّخْلَةُ فِي هَذَا الْبَابِ هِيَ الْفَاعِلُ، فَمَعْنَى إِثْمَارِهَا ظَاهِرٌ، وَأَمَّا قَوْلُكَ: حَتَّى تُؤْكَلَ النَّخْلَةُ، فَمَا أَبْعَدَهَا عَنِ التَّحْقِيقِ وَالتَّدْقِيقِ، وَفِي الْقَامُوسِ: أَطْعَمَ النَّخْلُ إِذَا أَدْرَكَ ثَمَرُهَا، فَهُوَ إِذَا أُسْنِدَ إِلَى غَيْرِ أَيْ مَأْكُولٍ كَالثَّمَرَةِ جَازَ كَوْنُهُ مَعْلُومًا وَمَجْهُولًا كَمَا عُلِمَ مِنْ صَنِيعِ صَاحِبِ النِّهَايَةِ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الْفَرْقِ، وَبِهِ انْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ أَيْضًا، وَرُوِيَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: يُؤْكَلُ ثَمَرُهَا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقْدِيرِ، وَلَا يُعْدَلُ إِلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ صِحَّةِ الرِّوَايَةِ، فَتَدَبَّرْ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كُتُبِ السِّيَرِ: أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَانُوا سَلْمَانَ بِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهُمْ بِإِعَانَتِهِ، فَجَمَعُوا الْفُسْلَانِ عَلَى مِقْدَارِ مَقْدِرَتِهِمْ حَتَّى اجْتَمَعَ لَهُ ثَلَثُمِائَةُ فَسَيْلٍ، ثُمَّ حَفَرَ سَلْمَانُ لَهَا فِي

أَرْضٍ عَيَّنَهَا أَصْحَابُهُ، وَلَمَّا جَاءَ وَقْتُ الْغَرْسِ أَخْبَرَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ. (فَغَرَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَيْ بِيَدَيْهِ الْكَرِيمَتَيْنِ. (النَّخْلَ) : أَيْ جَمِيعَهَا. (إِلَّا نَخْلَةً) : بِالنَّصْبِ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ. (وَاحِدَةً) : لِلتَّأْكِيدِ. (غَرَسَهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَحَمَلَتْ) : أَيْ أَطْعَمَتْ. (النَّخْلُ) : أَيْ جَمِيعُهَا. (مِنْ عَامِهَا) : أَيْ مِنْ سَنَةِ غَرْسِهَا، وَفِي نُسْخَةٍ: فِي عَامِهَا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَإِضَافَةُ الْعَامِ إِلَيْهَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا مَغْرُوسَةٌ فِيهِ، وَالضَّمِيرُ إِلَى النَّخِيلِ، وَقَالَ الْعِصَامُ: أَيْ مِنْ عَامِ الْغَرْسِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: فِي عَامِهِ، وَالضَّمِيرُ لِلْغَرْسِ، انْتَهَى. وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ الْمُتَبَادِرِ، وَفِي هَذَا مُعْجِزَةٌ لِأَنَّ الْمُعْتَادَ أَنَّ النَّخْلَ لَا تَحْمِلُ مِنْ عَامِ غَرْسِهَا. (وَلَمْ تَحْمِلْ نَخْلَةٌ) : بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَقَطْ فِي أَصْلِنَا الْمُصَحَّحِ بِالْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَقَالَ الْحَنَفِيُّ: رُوِيَ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ وَمِنْ تَحْتٍ وَوَجْهُ كِلْتَيْهِمَا ظَاهِرٌ. (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَأْنُ هَذِهِ) : أَيْ مَا سَبَبُ هَذِهِ النَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ فِي أَنَّهَا مَا حَمَلَتْ كَبَقِيَّةِ النَّخْلَةِ. (فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا غَرَسْتُهَا) : وَعَدَمُ حَمْلِ هَذِهِ النَّخْلَةِ فِي عَامِ غَرْسِهَا وَقَعَ عَلَى سُنَنِ مَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ، وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا عَرَفَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ بِالْغَرْسِ إِظْهَارَ الْمُعْجِزَةِ بَلْ مُجَرَّدَ الْمُعَاوِنَةِ. (فَنَزَعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَرَسَهَا فَحَمَلَتْ مِنْ عَامِهِ) : أَيْ عَامَ الْغَرْسِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: «مِنْ عَامِهَا» وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَكَانَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُظْهِرَ الْمُعْجِزَةَ بِإِطْعَامِ الْكُلِّ سِوَى مَا لَمْ يَغْرِسْهُ كُلَّ الظُّهُورِ، وَيَتَسَبَّبَ لِظُهُورِ مُعْجِزَةٍ أُخْرَى وَهِيَ غَرْسُ نَخْلَةِ عُمَرَ ثَانِيًا وَإِطْعَامُهَا فِي عَامِهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ) : بِمُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ وَسُكُونِ مُعْجَمَةٍ. (بْنُ الْوَضَّاحِ) : بِتَشْدِيدِ الْمُعْجَمَةِ، أَبُو الْهَيْثَمِ، بَصْرِيٌّ صَدُوقٌ. (أَخْبَرَنَا أَبُو عَقِيلٍ) : بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ اسْمُهُ بَشِيرُ بْنُ عُقْبَةَ. (الدَّوْرَقِيُّ) : بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةً إِلَى بَلَدٍ بِفَارِسَ، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الشَّيْخَانِ. (عَنْ أَبِي نَضْرَةَ) : بِفَتْحِ نُونِ وَسُكُونِ مُعْجَمَةٍ، رَوَى عَنْهُ السِّتَّةُ، وَاسْمُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ مَالِكُ بْنِ قُطَعَةَ، بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ، وَأَغْرَبَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: الْمَحْفُوظُ بِنُونٍ مُعْجَمَةٍ، وَضَبَطَهُ شَارِحٌ بِمُوَحَّدَةٍ فَمُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ، وَقَالَ: إِنَّهُ مَنْسُوبٌ إِلَى الْمَحَلِّ بِالْبَصْرَةِ، انْتَهَى. وَوَجْهُ الْغَرَابَةِ أَنَّهُ كَلَامُ الْعِصَامِ وَعِبَارَتُهُ بِالنُّونِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَةِ كَالْمُوَحَّدَةِ، الْعُوفِيُّ نِسْبَةً إِلَى الْعُوفَةِ كَالْكُوفَةِ، وَهِيَ مَوْضِعٌ بِالْبَصْرَةِ، انْتَهَى. وَأَرَادَ بِالْمُوَحَّدَةِ: الضَّادَ الْمَنْقُوطَةَ ; لِأَنَّهُ يُعَبَّرُ عَنِ الْبَاءِ بِالْمُوَحَّدَةِ التَّحْتَانِيَّةِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي بِشْرٍ، وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ إِلَى أَنَّهُ مَزِلَّةٌ إِلَى الْفَسَادِ مِنَ الصَّلَاحِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَآلَ

مُتَّحِدٌ عِبَارَاتُنَا شَتَّى وَحُسْنُكُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015