تَغْيِيرِ النِّسَبِ، قِيلَ: نِسْبَةً إِلَى كُورَةِ فَارِسَ ; لِأَنَّهُ مِنْ رَامَ هُرْمُزَ بَلْدَةٍ بَيْنَ تُسْتَرَ وَشِيرَازَ وَهِيَ مِنْ أَعْمَالِ فَارِسَ، وَسُمِّيَ الْفَارِسُ فَارِسًا ; لِأَنَّ أَهْلَهُ كَانُوا فُرْسَانًا، وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ مُنْسُوبُونَ إِلَى فَارِسَ بْنِ كِيُومَرْثْ، وَفِي شَرْحٍ: أَنَّهُ مُعَرَّبُ بَارْسَ بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَسَلْمَانُ مِنْ أَصْفَهَانَ، وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِفَارِسَ إِلَّا أَنَّ الْعَرَبَ كَانُوا يُسَمُّونَ مَا تَحْتَ مُلُوكِ الْعَجَمِ كُلَّهُ فَارِسًا وَأَصْفَهَانُ كَانَ مِنْهَا وَلَمْ يُعْلَمِ اسْمُ أَبِي سَلْمَانَ، وَسُئِلَ عَنْ نَسَبِهِ فَقَالَ: أَنَا سَلْمَانُ بْنُ الْإِسْلَامِ، وَيُقَالُ: سَلْمَانُ الْحَبْرُ بِالْمُهْمَلَةِ فَالْمُوَحَّدَةِ، وَقِيلَ بِالْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ، وَهُوَ أَحَدُ الَّذِينَ اشْتَاقَتْ إِلَيْهِمُ الْجَنَّةُ، وَهُوَ صَحَابِيٌّ كَبِيرٌ، قِيلَ: عَاشَ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَقِيلَ: ثَلَثَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: أَدْرَكَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَرَأَ الْكِتَابَيْنِ، وَكَانَ عَطَاؤُهُ خَمْسَةَ آلَآفٍ يُفَرِّقُهُ، وَيَأْكُلُ مِنْ كَسْبِ يَدِهِ بِعَمَلِ الْخُوصِ، وَلَهُ مَزِيدُ اجْتِهَادٍ فِي الزُّهْدِ فَإِنَّهُ مَعَ طُولِ عُمْرِهِ الْمُسْتَلْزِمِ لِزِيَادَةِ الْحِرْصِ لَمْ يَزْدَدْ إِلَّا زُهْدًا، وَسُئِلَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْهُ فَقَالَ: عَلِمَ الْعِلْمَ الْأَوَّلَ وَالْعِلْمَ الْآخِرَ وَهُوَ بَحْرٌ لَا يَنْزِفُ وَهُوَ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ، قِيلَ هَرَبَ مِنْ أَخِيهِ وَكَانَ مَجُوسِيًّا فَلَحِقَ بِرَاهِبٍ ثُمَّ بِجَمَاعَةِ رُهْبَانٍ فِي الْقُدْسِ الشَّرِيفِ، وَكَانَ فِي صُحْبَتِهِمْ إِلَى وَفَاةِ أَخِيرِهِمْ، فَدَلَّهُمُ الْحَبْرُ إِلَى الْحِجَازِ وَأَخْبَرَهُ بِظُهُورِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَصَدَ الْحِجَازَ مَعَ جَمْعٍ مِنَ الْأَعْرَابِ، فَبَاعُوهُ فِي وَادِي الْقُرَى مِنْ يَهُودِيٍّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ يَهُودِيٌّ آخَرُ مِنْ قُرَيْظَةَ، فَقَدِمَ بِهِ الْمَدِينَةَ، فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى قَدِمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ الرَّاهِبُ قَدْ وَصَفَ لَهُ بِالْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى النُّبُوَّةِ فَجَاءَ. (إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : أَيْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنَ الْهِجْرَةِ. (حِينَ قَدِمَ) : بِكَسْرِ الدَّالِ، ظَرْفٌ لِجَاءَ، أَيْ: حِينَ أَوْقَاتِ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (الْمَدِينَةَ بِمَائِدَةٍ) : بَاؤُهُ لِتَعْدِيَةِ جَاءَ وَلَا يَبْعُدُ جَعْلُهَا لِلْمُصَاحَبَةِ
خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ، بَلْ هِيَ أَظْهَرُ هُنَا لِزِيَادَةِ الْإِفَادَةِ، كَمَا لَا يَخْفَى، بَلْ هِيَ مُتَعَيَّنَةٌ لِرِوَايَةِ (فَاحْتَمَلْتُهَا عَلَى عَاتِقِي) ; وَلِذَا اخْتَارَهَا مِيرَكُ وَجَوَّزَ التَّعْدِيَةَ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَرْبَابِ اللُّغَةِ أَنَّ الْمَائِدَةَ خِوَانٌ عَلَيْهِ طَعَامٌ، فَلَا يُسَمَّى مَائِدَةً، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ. (عَلَيْهَا رُطَبٌ) : لِتَعْيِينِ مَا عَلَيْهَا مِنَ الطَّعَامِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ الرُّطَبَ طَعَامٌ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مِنَ الْفَوَاكِهِ وَلَيْسَ بِطَعَامٍ اسْتُعِيرَتِ الْمَائِدَةُ هُنَا لِلظَّرْفِ أَوِ اسْتُعْمِلَتْ لِلْخِوَانِ عَلَى وَجْهِ التَّجْرِيدِ، فَفِي الصِّحَاحِ أَنَّ الطَّعَامَ مَا يُؤْكَلُ، قَالَ صَاحِبُ الْمُحَكَمِ: الْمَائِدَةُ نَفْسُ الْخِوَانِ، وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: قَدْ تُطْلَقُ الْمَائِدَةُ عَلَى كُلِّ مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ ; لِأَنَّهَا مِمَّا تَمِيدُ أَيْ تَتَحَرَّكُ، وَلَا تَخْتَصُّ بِوَصْفٍ مَخْصُوصٍ أَيْ لَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ تَكُونَ خِوَانًا. (فَوَضَعَهَا) :