هَذَا وَهْمٌ مِنْ سِمَاكٍ وَالصَّوَابُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ وَجَمِيعُ أَصْحَابِ الْغَرِيبِ مِنْ أَنَّ الشَّكْلَةَ حُمْرَةٌ فِي بَيَاضِ الْعَيْنِ وَهُوَ مَحْمُودٌ عِنْدَ الْعَرَبِ جِدًّا، وَالشَّهْلَةُ بِالْهَاءِ حُمْرَةٌ فِي سَوَادِهَا، وَلِلْبَيْهَقِيِّ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَظِيمَ الْعَيْنَيْنِ أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ مُشْرَبَ الْعَيْنِ بِحُمْرَةٍ، وَرَوَى الْبُخَارِيُّ: أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَرَى بِاللَّيْلِ فِي الظُّلْمَةِ كَمَا يَرَى بِالنَّهَارِ فِي الضَّوْءِ، وَرَوَى الشَّيْخَانِ مَا يَخْفَى عَلَيَّ رُكُوعُكُمْ وَسُجُودُكُمْ إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي، انْتَهَى. وَلَعَلَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِحَالَةِ الصَّلَاةِ فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي لَا أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ الْجِدَارِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي الْأَخْبَارِ بِرِوَايَةِ الْأَخْيَارِ، وَيُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلِمَنِي اللَّهُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَمَّا ضَلَّتْ نَاقَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَنَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ فِي نُبُوَّتِهِ فَأُخْبِرَ فَقَالَ: «إِنِّي لَا أَعْلَمُ إِلَّا مَا عَلَّمَنِي رَبِّي، وَقَدْ دَلَّنِي عَلَيْهَا، وَهِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا، حَبَسَتْهَا شَجَرَةٌ بِخِطَامِهَا» فَوُجِدَتْ كَمَا أَخْبَرَ، وَعِنْدِ السُّهَيْلِيِّ أَنَّهُ كَانَ يَرَى فِي الثُّرَايَا اثْنَيْ عَشَرَ نَجْمًا وَفِي الشِّفَاءِ أَحَدَ عَشَرَ نَجْمًا. (قُلْتُ: مَا مَنْهُوسُ الْعَقِبِ؟ قَالَ: قَلِيلُ لَحْمِ الْعَقِبِ) : فِي الْقَامُوسِ: الْمَنْهُوسُ مِنَ الرِّجَالِ قَلِيلُ اللَّحْمِ مِنْهُمْ، فَقَيْدُ الْإِضَافَةِ يُفِيدُ نَفْيَ مَا عَدَا الْعَقِبِ.
(حَدَّثَنَا هَنَّادٌ) : بِتَشْدِيدِ النُّونِ. (بْنُ السَّرِيِّ) : بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ رَاءٍ وَيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ، الْكُوفِيُّ التَّمِيمِيُّ ثِقَةٌ
(حَدَّثَنَا عَبْثَرٌ) : بِفَتْحِ مُهْمَلَةٍ وَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ وَفَتْحِ مُثَلَّثَةٍ وَرَاءٌ فِي آخِرِهِ. (بْنُ الْقَاسِمِ) : أَيِ الزُّبَيْدِيِّ بِالتَّصْغِيرِ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ. (عَنْ أَشْعَثَ) : بِفَتَحَاتٍ غَيْرِ الثَّانِيَةِ. (يَعْنِي) : هُوَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَوْ هَنَّادٍ أَوْ عَبْثَرٍ ; حِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنَ الْقَوْلِ بِالِالْتِفَاتِ عَلَى مَذْهَبِ السَّكَاكِيِّ. (ابْنُ سَوَّارٍ) : بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَهُوَ الْكِنْدِيُّ، وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَهُ فِي التَّارِيخِ، فَقَوْلُ الْعِصَامِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَلَمْ يَقُلْ أَشْعَثُ بْنُ سَوَّارٍ مُحَافَظَةً عَلَى لَفْظِ الشَّيْخِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَهَذَا دَأْبُهُمْ فِي رِعَايَةِ الْأَمَانَةِ. (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ) : تَقَدَّمَ. (عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ) : وَفِي الشَّرْحِ نَقَلَ عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ إِسْنَادَ الْحَدِيثِ إِلَى جَابِرٍ وَإِلَى الْبَرَاءِ كِلَيْهِمَا صَحِيحٌ وَخَطَّأَ النَّسَائِيُّ الْإِسْنَادَ إِلَى جَابِرٍ وَصَوَّبَ الْإِسْنَادَ إِلَى الْبَرَاءِ فَقَطْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ. (قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ) : بِالتَّنْوِينِ. . (إِضْحِيَانٍ) : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ التَّحْتِيَّةِ وَفِي آخِرِهَا نُونٌ مُنَوَّنٌ، قَالَ مِيرَكُ: كَذَا ثَبَتَ فِي الرِّوَايَةِ وَإِنْ كَانَتْ أَلِفُهُ وَنُونُهُ زَائِدَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ النِّهَايَةِ لِوُجُودِ إِضْحِيَانَةٍ وَهِيَ صِفَةُ لَيْلَةٍ أَيْ مُقْمِرَةٍ أَيْ طَالِعَةٍ فِيهَا الْقَمَرُ، وَأَصْلُ الْكَلِمَةِ الْبُرُوزُ وَالظُّهُورُ، وَقِيلَ صُرِفَ لِتَأْوِيلِ اللَّيْلَةِ بِاللَّيْلِ، وَقِيلَ لِأَنَّهَا مِنْ وَصْفِ الْمُؤَنَّثِ خَاصَّةً كَطَالِقٍ وَحَائِضٍ، وَوَرَدَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهَا لَيْلَةُ ثَمَانٍ مِنَ الشَّهْرِ، وَفِي الْفَائِقِ: يُقَالُ لَيْلَةٌ ضَحْيَاءُ وَإِضْحِيَانٌ وَإِضْحِيَانَةٌ وَهِيَ الْمُقْمِرَةُ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا، فَإِنْ سَاعَدَتِ الرِّوَايَةُ قَوْلَهُ: «كَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ» لِأَنَّ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ نُورَ الْقَمَرِ أَعَمُّ وَحُسْنَهُ أَتَمُّ. (وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ حَمْرَاءُ) : بَيَانٌ لِمَا وَجَبَ التَّأَمُّلُ فِيهِ لِمَزِيدِ حُسْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ أَوْ ذَكَرَهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ وَلِلدَّلَالَةِ عَلَى حِفْظِهِ وَضَبْطِهِ الْقَضِيَّةَ فَكَأَنَّهُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ. (فَجَعَلْتُ) : أَيْ شَرَعْتُ فَهُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْمُقَارَبَةِ. (أَنْظُرُ إِلَيْهِ) : أَيْ إِلَى وَجْهِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. . (وَإِلَى الْقَمَرِ) : أَيْ تَارَةً. (فَلَهُوَ) : بِلَامِ الِابْتِدَاءِ وَالْقَسَمِ وَيَجُوزُ سُكُونُ هَائِهِ، وَالتَّقْدِيرُ فَوَاللَّهِ لَوَجْهُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (عِنْدِي) : لِبَيَانِ الْوَاقِعِ وَلِافْتِخَارِهِ بِاعْتِقَادِهِ لَا لِلتَّخْصِيصِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ غَيْرِهِ ; فَإِنَّهُ كَذَلِكَ عِنْدَ كُلِّ مُسْلِمٍ رَآهُ بِنُورِ